يا الله ، يا رحمن ، يا واحد ، يا إله محمّد ، اللهمّ إليك نقلت الأقدام ورفعت الأيدي ، ومدّت الأعناق وشخصت الأبصار وطلبت الحوائج ، نشكو إليك غيبة نبيّنا وكثرة عدوّنا وتشتيت أهوائنا. ربّنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين. ثمّ قال لهم : سيروا على بركة الله ، ثم نادى : لا إله إلا الله والله أكبر كلمة التقوى.
وسمع أيضا وهو يقول :
انّ الله قد دلّكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ، إيمان بالله ورسوله وجهاد في سبيله ، وجعل ثواب ذلك / [م ٣٠] مغفرة الذّنوب ومساكن طيبة في جنّات عدن ، ورضوان من الله أكبر ، ذلك هو الفوز العظيم. وأخبركم بالذي يجب في ذلك فقال تعالى : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ)(١) فسوّوا صفوفكم ـ رحمكم الله ـ كالبنيان المرصوص ، وقدّموا الدارع وأخّروا الحاسر ، وعضّوا على الأضراس فإنّه أنبا للسيوف عن الهام ، وأربط للجأش ، وأسكن للقلوب ، وأميتوا الأصوات ، فإنّه أوّل الوقار ، وراياتكم فلا تميلوها ولا تزيلوها ولا تجعلوها إلا بأيدي شجعانكم الحامين الذّمار الصّبر عند نزول الحقائق ، وأهل الحفاظ الذين يحفّون براياتهم ويضربون أمامها قدما ، وليقاتل / [س ٥٩] كلّ رجل منكم قرنه ، وليواس أخاه بنفسه ولا يكل قرنه إلى أخيه فيجتمع عليه قرنه وقرن أخيه فيكتسب بذلك اللائمة ويأتي به الدناءة ، وأن لا يكون هذا كهذا ، وهذا يقاتل اثنين وهذا ممسك بيده قد خلّى قرنه عليه هاربا منه وقام ينظر إليه ، من يفعل هذا يمقته الله فلا تعرضوا لمقت الله فإنّما مردّكم إليه قال تعالى : (قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ
__________________
(١) سورة الصف ٦١ : ١٠ ، ١٣.