التعرض للعرب. والمردة هم المعروفون في كتب العرب بالجراجمة نسبة لمدينة جرجومة كانت على جبل اللكام بالثغر الشامي عند معدن الزاج فيما بين بيّاس وبوقة قرب أنطاكية وقد صالح الجراجمة المسلمين على أن يكونوا أعوانا لهم وعيونا ومسالح في جبل اللكام ، ودخل معهم من كان في مدينتهم من تاجر وأجير وتابع من الأنباط من أهل القرى ومن معهم في هذا الصلح فسموا الرواديف لأنهم تلوهم وليسوا منهم. وكانوا يستقيمون للولاة مرة ويعوجون أخرى فيكاتبون الروم يمالئونهم على المسلمين.
أخذ يوستنيانوس ملك الروم اثنى عشر الف مقاتل من المردة أو الجراجمة على رواية الدويهي إرضاء للخليفة عبد الملك الأموي. وأسكن أبو جعفر المنصور بعض العشائر في الأرض الخالية المجاورة منازل المردة في لبنان. وكان المردة يعتدون على أبناء السبيل بين دمشق وبيروت. ولما جاء المنصور الى دمشق قدم عليه الأمير أرسلان بن مالك من المعرة ومعه جماعة فشكوا اليه توالي القحط عليهم فأقطعهم جبال بيروت الخالية وعهد اليهم بحفظ الطريق فنزلوا في عشائرهم بحصن أبي الحبيش ثم نزلوا جبل المغيشة (ظهر البيدر) ومنها امتدوا الى سن الفيل ، وصارت بينهم وبين المردة وقائع. وفي أوائل حكم العباسيين أخرج صالح بن علي قوما من الأرمن واللان ممن كانت الروم تسيرهم من إرمينية مع جاثليقهم وأسكنهم الشام ، ومن هذا اليوم امتنع ملوك الروم أن يسكنوا في سلطانهم أحدا من الأرمن ولا سيما في المواضع القريبة من الثغور أي ثغور الشام أو بلاد قيليقية. وفي سنة ١٨٩ أرسل هرون الرشيد منشورا الى ثابت بن نصر الخزاعي أمير الثغور الشامية ومناشير أخرى الى باقي عمال الشام أن يطلقوا التنبيه في البلاد بالرحيل الى لبنان لتشتد قوة أمرائه. ومثل ذلك وقع منذ خمسة قرون ، فهاجرت مئات من الأسر المسيحية في القرن الرابع عشر وبعده من حوران وما إليها الى لبنان ، واعتصمت في معاقله ولا سيما بعد الفتح العثماني ، وذلك تفاديا من قوة الشيعة في تلك الديار ، كما أن الموارنة انتقلوا من أرجاء حمص وجبل سنير وظلوا ينتشرون في شمالي لبنان حتى وصلوا الى كسروان والمتن والشوف وأقصى لبنان في جزين ، كما انتقل الدروز في