ولم تطل إليه ولا إلى آله أيدي العباسيين حتى انقرضت دولتهم. ومنهم من فرّ الى الحبشة ، وبقي فيها هو وذريته الى خلافة المهدي العباسي. وبعد مقتل بني أمية واشتداد خوفهم ، وتشتت شملهم ، واختفاء من قدر على الاستتار منهم ، أصدر السفاح الى سليمان بن علي كتابا عاما الى البلدان يعطي فيه الأمان للأمويين. فكان هذا أول أمان بني أمية. وكان سليمان بن علي كتب الى السفاح أنه وفد وافد من بني أمية علينا ، وأنا إنما قتلناهم على عقوقهم لا على أرحامهم ، فإننا يجمعنا وإياهم عبد مناف والرحم تبلّ (توصل) ولا تقطع ، وترفع ولا توضع.
انتقاض الجنوب والشمال والاعتقاد بالسفياني :
لما أفنى بنو العباس بني أمية في فلسطين ندمت عرب الشام على ما فعلت لما ركبهم من العار ، وتسليط العجم من أبناء خراسان عليهم ، ينزلون منازلهم ، ويأخذون أموالهم ، فهاجت لذلك واضطربت ، وامتنعوا من البيعة. وفي السنة التي دخل فيها العباسيون أرض الشام ، بيّض حبيب ابن مرة المريّ ، وأهل حوران والبثنيّة ، ومدينتها أذرعات ، أي لبس شعار الأمويين وهو البياض ، ونصب رجلا من بني أمية ، فقاتلهم عبد الله ابن علي بأرض البلقاء والبثنّية وحوران ، وكان بينه وبينهم وقعات. وحبيب بن مرة من قواد مروان وفرسانه. وكان سبب تبييضه الخوف على نفسه وقومه ، فبايعه قيس وغيرهم ممن يليهم من أهل تلك الكور ، فلما بلغ عبد الله بن علي تبييض أهل قنسرين في الشمال ، دعا حبيب بن مرة الى الصلح وأمنه ومن معه.
وكان الداعي الى خلع قنّسرين طاعة بني العباس ، قائد من قواد مروان أيضا اسمه أبو الورد الكلابي وكان دخل في طاعتهم ، ثم نزع الطاعة لما قدم أحد قواد عبد الله بن علي الى بالس والناعورة ، وأنشأ يعبث بولد مسلمة بن عبد الملك ونسائهم ، فشكا بعضهم ذلك الى أبي الورد ، وكان قد اجتمع معه جماعة من أهل قنّسرين وكاتبوا من يليهم من أهل حمص وتدمر ، فقدم منهم ألوف عليهم أبو محمد زياد بن عبد الله بن