خلفهم وسمعوا صوت الطبول والبوقات ، توهموا أن العرب قد جاءوهم من خلفهم وكبسوهم فوقعت فيهم الهزيمة فسقطوا كلهم في ذلك الوادي أعني وادي الرماد ، وهو واد عظيم كبير فماتوا ولم يتخلص منهم إلا نفر قليل ، ومنهم من هرب الى مواضع شتى ، ومنهم من تراجع الى دمشق ، ومنهم من هرب إلى بيت المقدس ، ومنهم من هرب الى قيسارية اه.
وشهد اليرموك ألف صحابي منهم نحو من مائة من أهل بدر ، وتهافت في الواقوصة من الروم عشرون ومائة ألف ، ثمانون ألف مقرّن وأربعون ألف مطلق سوى من قتل في المعركة من الخيل والرجل. ويقول الطبري : إن قتلى اليرموك من الروم سبعون ألفا ، وزعم بعض المؤرخين أن جيش الروم تكامل يوم اليرموك أربعمائة ألف.
فتح فحل وأجنادين وبيسان :
ذكروا أن أول كتاب كتبه عمر حين ولى أبا عبيدة الشام : أوصيك بتقوى الله الذي يبقى ويفنى ما سواه ، الذي هدانا من الضلالة ، وأخرجنا من الظلمات الى النور ، وقد استعملتك على جند خالد بن الوليد ، فقم بأمرهم الذي يحق عليك. لا تقدم المسلمين الى هلكة رجاء غنيمة ، ولا تنزلهم منزلا قبل أن تستريده لهم وتعلم كيف مأتاه ، ولا تبعث سريّة إلا في كثف (١) من الناس ، وإياك وإلقاء المسلمين في الهلكة ، وقد ابتلاك الله بي وابتلاني بك ، فغمّض بصرك عن الدنيا ، وأله قلبك عنها ، إياك أن تهلكك كما أهلكت من كان قبلك ، فقد رأيت مصارعهم اه.
توفي أبو بكر الصديق قبل فتح اليرموك بعشر ليال وبعد أن أصيبت الروم بالهزيمة القاطعة على اليرموك ، كانت وقعة فحل من الأردن بعد خلافة عمر بن الخطاب بخمسة أشهر ، ولما انتصر المسلمون على اليرموك كان هرقل في البيت المقدس ، جاءها للاحتفال بتخليص الصليب الذي استرده قبل ذلك
__________________
(١) الكثف : الجماعة