العربية وذلك لعلاقتهم المتصلة بالتجارة مع مكة واللهجة العربية فيها أجمل من سائر لهجات الشام. وكان محمد عبده يقول : إن الفصح في لغة الشام أوفر مما هي في لهجة مصر.
كيف انتشرت العربية :
وإذا أردنا استقراء الطرق في نشر العربية في الشام لم نرها حاربت لغة القطر الأصلية على رسوخها فيها ، بل سارت في نشرها سير تعقل ، وراعى دعاتها سنن الطبيعة والنشوء ، وعملت قاعدة الانتخاب الطبيعي عملها في اللغة كما عملت في العناصر ، فبقي ما هو مفيد للناس في مصالحهم على اختلاف نحلهم ومللهم. ومنذ عدل في القرن الأول عن اللغة الرومية في الدواوين لم تبرح جميع الحكومات التي تعاقبت على هذه الديار تستعمل اللغة العربية في مفاوضاتها وسجلاتها ، على أن منها الكردي والتركي والشركسي إلا الدولة العثمانية في آخر عهدها فإنها ألغت الديوان العربي من مراكز الحكومات السورية والفلسطينية واكتفت بالدواوين التركية ، وعلى كثرة عنايتها بلغتها في الثمانين سنة الأخيرة لم توفق الى نشرها إلا بين الموظفين فقط ، فكان شأنها هنا شأنها في رومانيا وصربيا وبلغاريا ويونان والبانيا ، أمتد سلطانها عليها قرونا ومع هذا لم تستطع نشر لغتها بين سكانها اللهم إلا بعض ألفاظ شاعت في المصطلحات اليومية. والعرب أجدر من غيرهم بأن يحرصوا على لسانهم وهو لسان مدنية ودين معا ، وأن لا يتخذوا عنه بديلا وهو متأصل في هذه الديار قبل الإسلام.
اللغة الصفوية :
الى الجنوب الشرقي من دمشق في مدخل بادية الشام حول الصقع البركاني المسمى بالصفا ، يعثر الباحث على كتابات كثيرة زبرت على الصخر البركاني والشعب الذي خط هذه الكتابات في القرون الأولى للميلاد هو من أصل عربي ، ولغته من اللهجات العربية ، وخطه من فصيلة خطوط ديار العرب الجنوبية. وبفضل هذه الكتابات تعرف إحدى اللغات التي كان