جامع القسطنطينية ، فخطب للقائم العباسي ، فغضب الخليفة الفاطمي. قال ابن ميسر : وكان هذا من الأسباب الموجبة لفساد ما بين المصريين والروم. وفي هذه السنة تجمع كثير من التركمان بحلب وغيرها ، فأفسدوا في أعمال الشام.
حدثت فتنة بين بعض السودان وأحداث حلب ، فسمع ابن ملهم أن بعض الأحداث من سكانها قد كاتب محمود بن شبل الدولة ليسلموا إليه البلد ، فقبض على جماعة منهم فاجتمع أهلها ، وراسلوا محمودا وهو منهم على مسيرة يوم يستدعونه ، وحصروا ابن ملهم ، فسيرت مصر ناصر الدولة بن حمدان أمير دمشق لقتال من بها لأجل قطع خطبة المستنصر ، فلما قارب البلدة خرج محمود عن حلب الى البرية ، واختفى الأحداث جميعهم ، ولم يمكن ناصر الدولة أصحابه من دخول حلب ونهبها ، وسار في طلب محمود فالتقيا بالفنيدق ، فانهزم أصحاب ابن حمدان وثبت هو فخرج وحمل الى محمود أسيرا ، فأخذه وسار الى حلب فملكها وملك القلعة في سنة ٤٥٢ فجهز المصريون ثمال بن صالح الى ابن أخيه ، فحصره في حلب ، فاستنجد محمود خاله منيع بن شبيب النميري صاحب حران ، فجاء إليه ، فلما بلغ ثمالا مجيؤه سار عن حلب الى البرية (٤٥٣) وعاد منيع الى حران ، فعاد ثمال الى حلب وخرج إليه محمود ابن أخيه ، فاقتتلوا وقاتل محمود قتالا شديدا ، ثم انهزم محمود ، فمضى الى أخواله بني نمير بحران. وتسلم ثمال حلب وخرج الى الروم فغزاهم. وذكر ابن ميسر: أن البازوري وزير مصر سير أموال الدولة جميعها لفتح بغداد ، وكان ذلك سببا لخروج الغز الى الشام وملكهم إياه. وقال في حوادث سنة ٤٥١ إن حادثة قتل البساسيري وقطع خطبة المستنصر من بغداد وإعادتها للقائم ، كانت آخر سعادة الدولة المصرية ، فإن الشام خرجت من أيديهم بعدها بقليل ولم يبق لهم سوى ملك مصر.
ولما توفي ثمال (٤٥٤) أوصى بحلب لابن أخيه عطية بن صالح فملكها ، ونزل به قوم من التركمان فقوي بهم ، فأشار أصحابه بقتلهم فأمر أهل البلد بذلك ، فقتلوا منهم جماعة ونجا الباقون ، فقصدوا محمودا بحرّان ،