لشحه ، وأذاع بعض الدرزية دعوته في قوم من المسلمين في وادي التيم ، فتجاهر الذين استجابوا لدعوته بمذهبهم ، فغزاهم أمير الأكراد ابن تالشليل فقتل منهم وسبى وأحرق وأهلك خلقا. واستشعر ولي العهد بعد ما جرى في أمرهم إنكار الحاكم ما فعل بهم ، وحذر أن يحنق عليه بسببهم ، فأنفذ صاحبا له يعرف بابن الخرقاني الى حسان بن المفرج بن الجراح ليقرر له معه أن يكون من جهته ، فشغب عليه الجند وقتلوا الخرقاني بدمشق ونهبوا دار ولي العهد ، فاستغاث بالدمشقيين والغوطيين ، فأحاطوا بالقصر الذي ينزله بظاهر دمشق فانتشبت الحرب بينهم وبين الجند واندفع الدمشقيون عنه ونهب الجند القصر ، وكان عند تواصل الأخبار الى الحاكم بعصيان ولي العهد ندب صاعد بن عيسى بن نسطورس للخروج الى الشام ، وأعطاه من العدد السلطانية والآلات الجليلة ما لم يعط لغيره ، وتقدمت مكاتبة الحاكم الى ولي العهد يأمره بالحضور الى مصر فبادر بالرحيل وسار العسكر معه الى الرملة ولما أيقن الحاكم امتثاله أمره زالت الشبهة عنه من نفسه ، وكتب يرسم له بالرجوع الى دمشق وقلد تقليدا ثانيا.
وثار بدمشق بعد مسير ولي العهد عنها رجل من أهلها يعرف بمحمد بن أبي طالب الجزار ، واجتمع إليه جمع كثير من أحداثها ومن رعاع أهل حوران امتعاضا لولي العهد ، وحاربوا الجند ، وطرح العسكر النار في المدينة فأحرقت منها قطعة كبيرة ، ولما عرف محمد بن أبي طالب الجزار عودة ولي العهد سار للقائه واجتمعوا في لدّ وسار محمد بن أبي طالب الى دمشق ، وقد اجتمع إليه خلق كثير ودخل دمشق بغتة ، وراجع الحرب واستظهر على الجند وأخرجهم من المدينة ، وأرسل إليه ولي العهد في تسكين الفتنة فلم يطعه وقتل قاضي دمشق وتسلط هو والأحداث عليها ، وقتل أيضا جماعة من الناس ونهبهم ، وتوقاه أهل السلامة وخافوا منه ، وغلت الأسعار بقيام الفتنة فاجتمع على الناس الجوع والحريق والنهب والقتل. وكان محمد بن أبي طالب قد سدّ الباب الشرقي ، فوجد الدمشقيون فرصة وفتحوه ، وقبضوا عليه وقتلوه وصلبوه على باب الجابية ، وقتلوا جمعا ممن كان على رأيه ، واستقام أمر دمشق وصلح حال ولي