بل كانت بينه وبين أهل دمشق حروب آلت الى ظفره. وقد استعد واحتشد ونزلها في ثلاثين ألف رجل ، وتحصن بها أبو الفضائل ولؤلؤ.
ووقع القتال بين منجوتكين والحمدانية على أفامية فانهزم الحمدانية (٣٨٢) وقتل وأسر جماعة منهم ، ونزل منجوتكين على حلب ووقع الحرب في جميع جوانب المدينة ودخل الى أعمال الروم بسبب اعتقال البرجي لرسوله ، ونزل على حصن عم ضيعة البرجي في بلد أرتاح فقاتله وفتحه وسبى وقتل وسار الى أنطاكية فرشقه الأنطاكيون بالنشاب وعاد منجوتكين الى منازلة حلب وراجع القتال. وعصى المسلمون في اللاذقية فسار البرجي إليهم وسباهم وحملهم الى الروم ، وعاد منجوتكين من دمشق ونزل على أفامية فسلمها إليه وفاء خادم سيف الدولة (٣٨٣) ورحل الى شيزر وقاتلها وتسلمها من سوسن غلام سعد الدولة وعاد الى منازلة حلب.
وكان أبو الفضائل كتب الى بسيل ملك الروم يستنجده وهو يقاتل البلغار ، فأرسل بسيل الى نائبه بأنطاكية ميخائيل البرجي يأمره بإنجاد أبي الفضائل ؛ فسار في خمسين ألفا حتى نزل على الجسر الحديد بالعاصي ، فلما سمع منجوتكين الخبر سار الى الروم ليلقاهم قبل اجتماعهم بأبي الفضائل ، وعبر إليهم العاصي وأوقع بالروم فهزمهم وولوا الأدبار الى أنطاكية وكثر القتل فيهم ، وجمع من رؤوس قتلاهم نحو عشرة آلاف رأس وحملت الى مصر. قال الأنطاكي : قتل من الروم في هذه الوقعة التي دعيت بوقعة المخاضة (٣٨٤) زهاء خمسة آلاف ويمم منجوتكين الى أنطاكية ونهب رساتيقها وأحرقها ، وكان وقت إدراك الغلة فأنفذ لؤلؤا وأحرق ما يقارب حلب منها إضرارا بالعسكر المصري. وعاد منجوتكين الى حلب فحصرها وأقام عليها ثلاثة عشر شهرا. فقلت الأقوات فيها وعاد صاحب حلب الى مراسلة ملك الروم والاعتضاد به ، فلما قلّت الأقوات آلى العزيز على نفسه أن يمدّ عسكره بالميرة من غلات مصر ، فحمل مئة ألف تليّس (١) في
__________________
(١) التليس : قفيزان بالمعدل ، والقفيز مكيال ثمانية مكاكيك ، والمكوك يختلف باختلاف مصطلح كل بلد.