جماعة الأشراف والعلماء والأعيان والمستورين كتابا قرىء على منبر جامعها وفيه :
وقد علمتم أسعدكم الله ، تشاغلي بجهاد أعدائي وأعداء الله الكفرة ، وسبيهم وقتلي فيهم ، وأخذي أموالهم ، وتخريبي ديارهم ، وقد بلغكم خبر القوانين (؟) في هذه السنة ، وما أولانا الله وخولناه ، وأظفرنا به ، واستعملت فيهم السّنّة في قتال أهل الله فما أتبعت مدبرا ، ولا ذففت على جريح ، حتى سلم من قد رأيتم ، وقد تقدمنا الى وشاح بن تمام بصيانتكم وحفظكم ، وحوط أموالكم ، وفتح الدكاكين ، وإقامة الأسواق ، والتصرف في المعاش ، الى حين موافاتنا إن شاء الله.
كتب الرجحان لجيش سيف الدولة على جيش الإخشيدية ، وسار كافور بعساكر مولاه الى مصر ، فأقام سيف الدولة بدمشق وجبى خراجها ، وجعل يطالب أهلها بودائع الإخشيد وأسبابه ، وكان أحداث دمشق قد نهبوها في يوم موت الإخشيد ، وظن ابن حمدان أن الأمر تم له فجمع الى ملكه في الجزيرة ملك الشام ، وربما تطالّ بعد ذلك الى مصر ولم يعرف ما خبأته له الأقدار حتى زحزحته عن ملك دمشق ، واقتصرت دولته على حلب وما إليها. وذلك أنه اتفق أن كان يسير هو والشريف العقيقي بضواحي دمشق ، فقال سيف الدولة : ما تصلح هذه الغوطة إلا لرجل واحد. فقال له العقيقي : هي لأقوام كثيرة فقال سيف الدولة : لئن أخذتها القوانين السلطانية ليتبرأوا منها.
فأعلم العقيقي أهل دمشق بذلك ، فكاتبوا كافورا يستدعونه من مصر ، فجاءهم ومعه أنوجور بن الإخشيد فخرج سيف الدولة الى اللّجون ، وأقام أياما قريبا من عسكر الإخشيدية بقرية أكسال وكان في خمسين ألفا ، وتفرق عسكر سيف الدولة في الضياع لطلب العلوفة ، فعلم به الإخشيدية فرجعوا ، وركب سيف الدولة فرآهم زاحفين في تعبية ، فعاد الى عسكره فأخرجهم فنشبت الحرب فقتل من أصحابه خلق وأسر كذلك ، وانهزم سيف الدولة الى دمشق وسار من حيث لم يعلم أهل دمشق بالوقعة (٣٣٥) وجاء الى حمص وجمع جمعا لم يجتمع له قط مثله من بني عقيل وبني نمير وبني