خطب عمر بن الخطاب أم أبان بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس ، فأبته فقيل لها : ولم؟ قالت : إن دخل دخل بيأس ، وإن خرج بيأس ، قد أذهله أمر آخرته عن أمر دنياه ، كأنه ينظر إلى ربّه بعينه ، ثم خطبها الزّبير بن العوام فأبته ، فقيل لها : ولم؟ قالت : ليس لزوجته الإشارة في قراملها ، ثم خطبها علي فأبت فقيل لها : ولم؟ قالت : ليس لزوجته منه إلّا قضاء حاجته ، ويقول : كيت وكيت ، وكان ثمّ خطبها طلحة ، فقالت : زوجي حقا ، قالوا : وكيف ذلك؟ قالت : إنّي غارقة بحلائقه ، إن دخل دخل ضحاكا ، وإن خرج خرج بساما ، إن سألت أعطى ، وإن سكتّ ابتدأ ، وإن عملت شكر ، وإن أذنبت غفر ، فلما أن ابتنى بها قال علي : يا أبا محمّد ، إن أذنت لي أن أكلّم أم أبان ، قال : كلمها ، فأخذ سجف الحجلة ثم قال : السّلام عليك يا عزيز ونفسها قالت : وعليك السلام ، قال : خطبك أمير المؤمنين وسيد المسلمين فأبيته ، قالت : كان ذلك ، قال : وخطبك الزّبير ابن عمة رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأحد حواريّه فأبيته ، قالت : وقد كان ذلك ، قالت : وخطبتك أنا وقرابتي لرسول الله صلىاللهعليهوسلم قالت : وقد كان ذلك ، قال : أمّا والله لقد تزوّجت أحسننا وجها ، وأنالنا كفا ، يعطي هكذا وهكذا.
أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ، ابنا أبي علي ، أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزّبير بن بكّار ، حدّثني عثمان بن عبد الرّحمن أنّ عليّا بن أبي طالب سمع رجلا ينشد :
فتى كان يدنيه الغنى من صديقه |
|
إذا ما هو استغنى ويبعده الفقر (١) |
فقال : ذاك أبو محمّد طلحة بن عبيد الله ـ يرحمهالله ـ قال : وكان طلحة بن عبيد الله حسن الوجه جوادا.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمّد ، نا سويد بن سعيد ، نا علي بن مسهر ، نا مجالد ، عن الشعبي ، عن قبيصة بن جابر ، قال : صحبت طلحة فما رأيت رجلا أعطى لجزيل مال عن غير مسألة منه (٢).
__________________
(١) البيت في أسد الغابة ٢ / ٤٧١ ، وفي الكامل للمبرد ١ / ٢٧٩ أن عليا بن أبي طالب تمثل في طلحة بن عبيد الله ، وذكر البيت من أربعة أبيات ونسبه أبو الحسن للأبيرد الرياحي. وبحاشيته : قال الشيخ المرصفي وهذا غلط محض.
(٢) سير الأعلام ١ / ٣٠ وانظر حلية الأولياء ١ / ٨٨.