بسم الله لدخل الجنة والناس ينظرون ، من أحبّ أن ينظر إلى رجل يمشي في الدنيا وهو من أهل الجنة فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله ، طلحة ممن قضى نحبه».
وقال طلحة : لما جال المسلمون تلك الجولة ثم تراجعوا ، أقبل رجل من بني عامر بن لؤي بن مالك بن المضرّب (١) يجر رمحا له على فرس كميت أغرّ مدجّجا في الحديد يصيح : أنا أبو ذات الودع (٢) ، دلّوني على محمّد ، فأضرب عرقوب فرسه ، فانكسعت ، ثم أتناول رمحه ، فو الله ما أخطأت به عن حدقته ، فخار كما يخور الثور ، فما برحت به واضعا رجلي على خدّه حتى أززته شعوب ، وكان طلحة قد أصابته في رأسه المصلّبة (٣) ، ضربه رجل من المشركين ضربتين ، ضربة وهو مقبل ، والأخرى وهو معرض عنه ، فكان قد نزف منها من الدّم ، قال أبو بكر الصّديق : جئت النبي صلىاللهعليهوسلم يوم أحد فقال : «عليك بابن عمك» ، فأتى طلحة بن عبيد الله وقد نزف ، فجعلت أنضح في وجهه الماء وهو مغشيّ عليه ، ثم أفاق فقال : ما فعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فقلت : خيرا ، هو أرسلني إليك ، قال : الحمد لله ، كل مصيبة [بعده](٤) جلل.
وكان ضرار بن الخطّاب الفهري يقول : نظرت إلى طلحة بن عبيد الله ، وقد حلق رأسه عند المروة في عمرة ، فنظرت إلى المصلّبة في رأسه ، فقال ضرار : إنا لله وإنا إليه راجعون ، أنا والله ضربته هذه ، استقبلني فضربته ، ثم أكرّ عليه وقد أعرض فأضربه أخرى.
قالوا : ولما كان يوم الجمل وقتل عليّ من قتل من الناس ودخل البصرة ، جاءه رجل من العرب فتكلم بين يديه ، فقال (٥) : من طلحة؟ فزبره علي ، وقال : إنّك لم تشهد يوم أحد ، وعظم شأنه (٦) عن الإسلام مع مكانه من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فانكسر الرجل وسكت ، فقال رجل من القوم : وما كان غناؤه وبلاؤه يوم أحد يرحمهالله ، فقال علي : نعم ، فرحمه (٧) الله ، فلقد رأيته وإنه ليترّس بنفسه دون رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وإن السّيوف
__________________
(١) عن الواقدي وبالأصل : الهرب.
(٢) الودع : خرز بيض من البحر (القاموس).
(٣) أي صارت الضربة كالصليب (النهاية).
(٤) الزيادة عن الواقدي.
(٥) في مغازي الواقدي : ونال من طلحة.
(٦) الواقدي : وعظم غنائه في الإسلام.
(٧) كذا ولعله : «يرحمه» وهو أشبه.