هذا الموقف من الناس ، وبخاصة من ركاب المقصورات ، لم يتسنّ لي يوما أن أرى نظيرا له! هذا مرعب ، هذا مثير للغضب! إذا كان كل شيء يتحقق على هذا النحو ، فلا بدّ من الدهشة إذا لم تنشب شتى الأوبئة بين الحجاج. صاننا الرب من البلايا! في كل مكان ينصبون السماورات ويشعلون النار تحتها ، ويدخنون ، ويطبخون ، والخ ، ؛ الإنارة بالكاز.
تحادثت مع مختلف الحجاج ؛ الفرس يفضلون الطريق عبر القدس لكي تتسنى لهم زيارة كربلاء وبغداد والقدس. وكثيرون يمضون عبر بندر وبوشير (بوشهر). من خراسان نحو ٥٠ شخصا.
٩ نيسان (ابريل). حوالي الساعة ١١ صباحا وصلنا إلى جدّة ورسونا في وسط الخليج بين مدينة جدّة ومحلة الرأس الأسود ؛ في كل مكان شعاب ، صخور بحرية. جدّة مدينة جميلة من البعيد. بعد فترة وجيزة جاء من جهة المدينة زورق وفيه تركي يرتدي معطفا ، وحافي القدمين ؛ وقد تبين انه عضو في لجنة الحجر الصحي ؛ سرعان ما عاد واعدا بإرسال الزوارق لنقل الركاب إلى الشاطئ ؛ رفعوا على الصارية راية تشير إلى استدعاء الزوارق. ذلك اليوم امضيناه كله عبثا في الرسو ، مع انه كان من الممكن الاستراحة من العاصفة التي عانيناها.
١٠ نيسان (ابريل). منذ الصباح ظهر من جانب الرأس الأسود اسطول من الزوارق المنطلقة بالأشرعة. الطقس مناسب. اقتربت الزوارق. بدأ الهرج والمرج العادي. ظهر عضو لجنة الحجر الصحي الذي جاء أمس. في آخر المطاف ، جاء دورنا. اقترب زورقان ، أحدهما نزل فيه الركاب ، والثاني وضعوا فيه امتعتهم. زورق الأمتعة رفع الشراع وجر زورق الركاب صوب الرأس الأسود. كان بين الركاب عدد كبير جدّا من النساء من المغرب. أخذن يغنين أغنية رخيمة جدّا ، رنانة جدّا ، حركت نياط قلبي إلى حد أني بكيت. كل شيء ـ الطقس ، والبحر ، والمحلة المحيطة ـ اثار حالة من الاجلال. كانت الزوارق تتلوى طوال