قطعا أي هواء للاستنشاق ، وكان الركاب هنا متمديين مرضى بأغلبيتهم بسبب القيظ وكتمة الهواء. وجعلت قيادة الباخرة من قسم الدرجة الأولى درجة خاصة ؛ لقاء مبلغ إضافي قدره ليرة ونصف ليرة ، انزلوا هنا ركاب الدرجة الثالثة ، وسرعان ما اكتظ القسم كله بالفرس. وأثناء الرحلة يطبخ جميع الحجاج لأنفسهم المآكل على مناقل يضعونها في كل مكان من العنبر ومنالمتن ، ويشعلون النار تحت السماورات في كل مكان ، ويشعلون النارجيلات ، وكل هذا لا يحسبون انه يشكل خطرا. يبقى أن أضيف انه غالبا ما تنشب في قلب هذا الجمع المتعدد القوميات خلافات ومجادلات بسبب الأماكن تنتهي أحيانا بالشجار ، علما بانه ليس بمقدور أفراد طاقم الباخرة أن يفعلوا شيئا بسبب قلة عددهم.
النزول في جدّة أو في ينبع
ينزل حجاجنا عادة في ينبع إذا سافروا في الوقت المناسب الباكر ، ومنها يتوجهون إلى المدينة المنورة ، ومنها إلى مكة المكرّمة. هذا الخط انسب في الوقت الحاضر إذ يجري الحج في شهر نيسان (ابريل) لأنه لا يتعين السفر بالقافلة في وقت حار جدّا. وإذا وصلوا بعد ذلك ، فإنهم ينطلقون رأسا إلى جدّة ؛ وقبل الوصول بقرابة ١٢ ساعة إلى المرفأ المذكور ، يخلع جميع الحجاج كل البستهم ويكشفون رؤوسهم ويلتفون بثياب الاحرام. أما الذين يمضون من المدينة المنورة فيقومون بذلك في رابغ. ولا ريب في أن هذا اللباس الخفيف وتعرية الرأس الذي يغطيه المسلمون على الدوام يضرّان كثيرا بصحة الحجاج الذين لم يتعودوا على المناخ الحار المحلي. ويحاول بعض منهم ، ممن هم أوفر تجربة ، أن يقللوا من تأثير ثوب الأحرام الضار ، فيطلقون الشعر الطويل في الوقت المناسب ، ويشترون هذا اللباس من قماش اسمك. وحين ينزل الحجاج في جدّة ، يتوزعون على الشقات بحيث يستأجر بضعة أشخاص غرفة