أنّه صحّ إسناده إليه مجازا ، فإنّ اليقين معه كأنّه تعلّق بأمر مستمرّ مستحكم قد انحلّ وانفصم بسبب الشكّ فيه من جهة الشكّ في رافعه.
قلت : الظاهر أنّ وجه الإسناد هو لحاظ اتّحاد متعلّقي اليقين والشكّ ذاتا وعدم ملاحظة تعدّدهما زمانا ؛ وهو كاف عرفا في صحّة إسناد النقض إليه واستعارته له ، بلا تفاوت في ذلك أصلا في نظر أهل العرف بين ما كان هناك اقتضاء البقاء وما لم يكن. وكونه (١) مع المقتضي أقرب بالانتقاض وأشبه لا يقتضي تعيينه لأجل قاعدة «إذا تعذّرت الحقيقة» ، فإنّ الاعتبار في الأقربيّة إنّما هو بنظر العرف لا الاعتبار ، وقد عرفت عدم التفاوت بحسب نظر أهله. هذا كلّه في المادّة.
وأمّا الهيئة : فلا محالة يكون المراد منها النهي عن الانتقاض بحسب البناء والعمل ، لا الحقيقة ، لعدم كون الانتقاض بحسبها (٢) تحت الاختيار ، سواء كان متعلّقا باليقين ـ كما هو ظاهر القضيّة ـ أو بالمتيقّن أو بآثار اليقين ، بناء على التصرّف فيها بالتجوّز (٣) أو الإضمار (٤) ، بداهة أنّه كما لا يتعلّق النقض الاختياريّ القابل لورود النهي عليه بنفس اليقين ، كذلك لا يتعلّق بما كان على يقين منه (٥) أو أحكام اليقين ، فلا يكاد يجدي التصرّف بذلك (٦) في بقاء الصيغة على حقيقتها ، فلا مجوّز له ، فضلا عن الملزم كما توهّم(٧).
لا يقال : لا محيص عنه (٨) ، فإنّ النهي عن النقض بحسب العمل لا يكاد يراد بالنسبة إلى اليقين وآثاره ، لمنافاته مع المورد (٩).
__________________
(١) أي : كون النقض.
(٢) أي : بحسب الحقيقة.
(٣) بأن يذكر اليقين ويراد المتيقّن.
(٤) بأن يقدّر الآثار ـ أي آثار اليقين ـ.
(٥) أي : لا يتعلّق بالمتيقّن.
(٦) أي : بالتجوّز أو الإضمار.
(٧) والمتوهّم الشيخ الأعظم الأنصاريّ في فرائد الاصول ٣ : ٣٣٣ ـ ٣٣٤.
(٨) أي : لا محيص عن التصرّف في متعلّق النقض وإرادة نفس المتيقّن.
(٩) أي : مورد النصوص. ـ