وينتسب ، إذ يقول تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) [الطلاق : ٢].
والعساكر المنصورة فهم أشياع الدين ، وأعضاد دولة أمير المؤمنين ، وأبناء دعوة آبائه الرّاشدين ، والقائمون بمدافعة الأعداء عن حوزة الدولة العلويّة ، والمدّخرون لكفاح المباين للمملكة الفاطميّة ، والمنادون بشعارها في كلّ وقت وحين ، والمعدّون للذبّ عن بيضة المسلمين وأنصار الخلافة ، وطاردو الوجل والمخافة ، المصطلون نيران الحرب والكفاح ، ذوو القلوب في المواقف التي تهتزّ فيها السيوف وتضطرب كعوب الرماح ، والممنوحون مزيّة اللطف لحسن معتقدهم في الطاعة ، والمستعملون في خدمة وليّ نعمتهمن جهد الطّاقة والاستطاعة.
ومنهم الأمراء الأكابر ، والأعيان الأخاير ، وولاة الأعمال وسداد الثّغور ، واللائقة بهم سوامي الرّتب ومعالي الأمور ، والأولياء الّذين سلمت موالاتهم من الشوائب ، واشتملوا على غرر المآثر والمناقب ، والأنجاد الذين يندفع بهم الخطب الملمّ ، والكفاة الذين يتسرّعون إلى ما يندبون له من كلّ مهمّ ، وما زلت تحسن لهم الوساطة في المحضر والمغيب ، ويشيع ذكرهم بما يتضوّع نشره ويطيب ، وتسفر لهم بما يبلغون به آمالهم ، وتجتهد في توفير المنافع عليهم وتحرص على إيصالها لهم ؛ لا سيّما الآن وجميع أمرهم إليك مردود ، وقد ظهر لك من إخلاصهم في الطّاعة مقامهم المشهور وسعيهم المحمود ؛ فهم خليقون منك بمضاعفة المكرمة والتبجيل ، جديرون بتوفير حظّهم من الإحسان الجزيل.
فتوخّي كلّا منهم بما يقتضيه له حاله ، وتستدعيه نهضته واستقلاله ، وتعرب لهم عمّا يمنّون به عن محض طاعتهم ، وصريح مسابقتهم ، وتسرّعهم إلى مقارعة الأعداء والمخالفين ، وتمسّكهم بحبل الولاء المتين.
فأمّا القضاة والدّعاة فأنت كافلهم وهاديهم ، وعلمك محيط بقاصيهم ودانيهم ، وتأنّيك يبعثك على استكفاء إعفائهم وديانتهم ، ويمنعك من استعمال المفضولين في علم وأمانة ، ويحضّك على التعويل على ذوي النّزاهة والصيانة.
فأمّا الأموال وهي عماد الدّول وقوامها ، وبها يكون استثبات أمورها وانتظامها ، ويستعان بها على الاستكثار من الرجال والأنصار ، وبوفورها تقوم المهابة في نفوس مماليك الأطراف والأمصار ؛ وأمير المؤمنين يرجو أن تتضاعف بنظرك ، وتنمى لفاضل سياستك وحمد أثرك ، تتسع بإذن الله في أيامك العمارة ؛ وتتوافر بما يعمّ الأعمال بحسن تأنّيك من البهجة والنضارة.