بسم الله الرّحمن الرّحيم
ذكر أمراء مصر من حين فتحت إلى أن ملكها بنو عبيد
أوّل أمير عمرو بن العاص رضياللهعنه ، ولّاه عمر بن الخطاب رضياللهعنه على الفسطاط وأسفل الأرض ، وولي عبد الله بن سعد بن أبي سرح على الصّعيد إلى القيّوم.
أخرج ابن عبد الحكم ، عن أنس ، قال : أتى رجل من أهل مصر إلى عمر بن الخطاب فقال : يا أمير المؤمنين ، عائذ بك من الظّلم ، قال : عذت معاذا ، قال : سابقت ابن عمرو بن العاص فسبقته ، فجعل يضربني بالسّوط ، ويقول : أنا ابن الأكرمين! فكتب عمر إلى عمرو يأمره بالقدوم عليه ، ويقدم بابنه معه. فقدم فقال عمر : أين المصريّ؟ خذ السوط فاضرب ، فجعل يضربه بالسّوط ويقول عمر : اضرب ابن الأكرمين. ثمّ قال للمصريّ : ضعه على صلعة عمرو ، قال : يا أمير المؤمنين ، إنّما ابنه الّذي ضربني وقد اشتفيت منه ، فقال عمر لعمرو : مذ كم تعبّدتم النّاس وقد ولدتهم أمّهاتهم أحرارا؟ قال : يا أمير المؤمنين ، لم أعلم ولم يأتني.
وأخرج ابن عبد الحكم عن نافع مولى ابن عمر ، أنّ صبيغا العراقيّ جعل يسأل عن أشياء من القرآن في أجناد المسلمين ، حتّى قدم مصر ، فبعث به عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب ، فضربه ونفاه إلى الكوفة ، وكتب إلى أبي موسى الأشعريّ أن ألّا يجالسه أحد من المسلمين.
وقال إبراهيم بن الحسين بن ديزيل في كتابه : حدّثنا عبد الله بن صالح ، حدّثني ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب أنّ عمرو بن العاص استحلّ مال قبطيّ من قبط مصر لأنّه استقرّ عنده أنّه كان يظهر الرّوم على عورات المسلمين يكتب إليهم بذلك ، فاستخرج منه بضعا وخمسين إردبا دنانير. قال أبو صالح : والإردبّ ستّ ويبات وعيّرنا الويبة ، فوجدناها تسعا وثلاثين ألف دينار.
قال الحافظ عماد الدين بن كثير : فعلى هذا يكون مبلغ ما أخذ من هذا القبطيّ يقارب ثلاثة عشر ألف ألف دينار.