وفي سنة ثلاث وثلاثين كان الطاعون (١) العظيم بالديار المصرية.
وفي سنة إحدى وأربعين كان الطاعون (٢) بالديار المصرية.
ذكر الطريق المسلوك من مصر إلى مكّة شرّفها الله تعالى
قال ابن فضل الله : المحامل السلطانيّة وجماهير الركبان لا تخرج إلا من أربع جهات : مصر ، ودمشق ، وبغداد ، وتعزّ.
قال : فيخرج الركب من مصر بالمحمل السلطانيّ والسبيل المسبل للفقراء والضعفاء والمنقطعين بالماء والزاد والأشربة والأدوية والعقاقير والأطبّاء والكحّالين والمجبّرين والأدلّاء والأئمة والمؤذّنين والأمراء والجند والقاضي والشهود والدواوين والأمناء ومغسّل الموتى ؛ في أكمل زيّ ، وأتمّ أبّهة ، وإذا نزلوا منزلا أو رحلوا مرحلا تدقّ الكوسات (٣) ، وينفر النّفير ليؤذن الناس بالرحيل والنزول ، فإذا خرج الركب من القاهرة نزل البركة (٤) على مرحلة واحدة ، فيقيم بها ثلاثة أيام أو أربعة ، ثمّ يرحل إلى السويس في خمس مراحل ، ثمّ إلى نخل (٥) في خمس مراحل. وقد عمل فيها الأمير آل ملك الجوكندار المنصوريّ أحد أمراء المشورة في الدولة الناصرية بن قلاوون بركا ، واتّخذ لها مصانع ، ثمّ يرحل إلى أيلة (٦) في خمس مراحل وبها العقبة العظمى ، فينزل منها إلى حجز (٧) بحر القلزم ، ويمشي على حجزه حتّى يقطعه من الجانب الشماليّ إلى الجانب الجنوبيّ ، ويقيم به أربعة أيّام أو خمسة ، وبه سوق عظيم فيه أنواع المتاجر ، ثمّ يرحل إلى حفل (٨) مرحلة واحدة ، ثمّ إلى برّ مدين في أربع مراحل وبه مغارة شعيب عليه الصلاة والسلام.
__________________
(١) شذرات الذهب : ٧ / ٢٠٠.
(٢) شذرات الذهب : ٧ / ٢٣٧.
(٣) الكوسات : صنوجات من نحاس شبه الترس الصغير. صبح لأعشى : ٤ / ١٣٢٩.
(٤) لعلّها بركة الحجاج في الجهة البحرية من القاهرة على نحو يريد منها ، عرفت أولا بجبّ عميرة ، ثم قيل لها أرض الجب ، وعرفت إلى اليوم ببركة الحجاج من أجل نزول حجاج البرّ بها عند مسيرهم من القاهرة وعند عودهم. [الخطط المقريزية : ٢ / ١٦٣].
(٥) في معجم البلدان : نخل : موضع في طريق الشام من ناحية مصر.
(٦) في معجم البلدان : أيلة : مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلي الشام ، وهي آخر الحجاز وأول الشام.
(٧) الحجز : الناحية.
(٨) حفل : لم يرد ذكرها في معجم البلدان.