[ذكر من قام بمصر من الخلفاء العباسيين] كان لانقراض الخلافة ببغداد وما جرى على المسلمين بتلك البلاد مقدّمات نبّه عليها العلماء : منها ، أنّه في يوم الثلاثاء ثامن عشر ربيع الآخر سنة أربع وأربعين وستّمائة هبّت ريح عاصفة شديدة بمكّة ، فألقت ستارة الكعبة المشرّفة ، فما سكنت الريح إلّا والكعبة عريانة ، قد زال عنها شعار السواد ، ومكثت إحدى وعشرين يوما ليس عليها كسوة. وقال الحافظ عماد الدين بن كثير : وكان هذا فألا على زوال دولة بني العبّاس ؛ ومنذرا بما سيقع بعد هذا من كائنة التّتار ، لعنهم الله. ومنها ، قال ابن كثير في حوادث سنة سبع وأربعين : طغى الماء ببغداد ، حتّى أتلف شيئا كثيرا من المحالّ والدّور الشهيرة ، وتعذّرت إقامة الجمعة بسبب ذلك. وفي هذه السنة هجمت الفرنج على دمياط (١) ؛ فاستحوذوا عليها وقتلوا خلقا من المسلمين. وفي سنة خمسين وقع حريق بحلب احترق بسببه ستّمائة دار ؛ فيقال : إنّ الفرنج لعنهم الله ألقوه فيها قصدا. وفي سنة اثنتين وخمسين ، قال سبط ابن الجوزي في مرآة الزمان : وردت الأخبار من مكّة شرّفها الله ، بأنّ نارا ظهرت في أرض عدن (٢) في بعض جبالها ، بحيث أنه يطير شررها إلى البحر في الليل ، ويصعد منها دخان عظيم في أثناء النهار ، فتاب الناس وأقلعوا عمّا كانوا عليه من المظالم والفساد ، وشرعوا في أفعال الخير والصّدقات. وفي سنة أربع وخمسين زادت دجلة زيادة مهولة ، فغرق خلق كثير من أهل __________________ (١) في شذرات الذهب : ٥ / ٢٣٧ : في ربيع أول سنة سبع وأربعين وستمائة نازلت الفرنج دمياط برا وبحرا فهرب العسكر وملكها الفرنج بلا ضربة ولا طعنة ، فشنق السلطان ستين نفسا من أعيان أهلها. (٢) شذرات الذهب : ٥ / ٢٥٥. |