قل للفرنسيس إذا جئته |
|
مقال صدق من قؤول نصيح |
آجرك الله على ما جرى |
|
من قتل عبّاد يسوع المسيح |
أتيت مصر تبتغي ملكها |
|
تحسب أن الزّمر بالطّبل ريح |
فساقك الحين إلى أدهم |
|
ضاق به عن ناظريك الفسيح |
وكلّ أصحابك أودعتهم |
|
بحسن تدبيرك بطن الضّريح |
تسعين ألفا لا ترى منهم |
|
إلّا قتيلا أو أسيرا جريح |
وفّقك الله لأمثالها |
|
لعلّ عيسى منكم يستريح |
إن كان باباكم بذا راضيا |
|
فرب غشّ قد أتى من نصيح |
وقل لهم إن أضمروا عودة |
|
لأخذ ثأر أو لعقد صحيح : |
دار ابن لقمان على حالها |
|
والقيد باق والطّواشي صبيح |
فلم ينشب الفرنسيس أن أهلكه الله ، وكفى المسلمين شرّه ، وأقامت شجر الدرّ في المملكة ثلاثة أشهر ، ثمّ عزلت نفسها. واتّفقوا على أن يملّكوا الملك الأشرف موسى بن صلاح الدين يوسف بن المسعود بن الملك الكامل ، فملّكوه وله ثمان سنين (١) ، وذلك في يوم الأربعاء ثالث جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين. وجعل عزّ الدين أيبك التركمانيّ مملوك الصالح أتابكه ، وخطب لهما ، وضربت السكّة باسمهما ، وعظم شأن الأتراك من يومئذ ، ومدّوا أيديهم إلى العامّة ، وأحدث وزيره الأسعد (٢) الفائزيّ ظلامات ومكوسا كثيرة.
[الملك المعزّ عز الدين أيبك الجاشنكير التركماني]
ثمّ إنّ عز الدين خلع الملك الأشرف (٣) واستقلّ بالسلطنة في سنة اثنتين وخمسين ، ولقّب الملك المعزّ ؛ وهو أوّل من ملك مصر من الأتراك ، وممّن جرى عليه الرّقّ ، فلم يرض النّاس بذلك حتى أرضى الجند بالعطايا الجزيلة ، وأمّا أهل مصر فلم يرضوا بذلك ، ولم يزالوا يسمعونه ما يكره إذا ركب ويقولون : لا نريد إلا سلطانا رئيسا ولد على الفطرة ، وكان المعزّ تزوّج شجر الدرّ.
ثم إنه خطب ابنة صاحب الموصل ، فغارت شجر الدر فقتلته (٤) في أواخر ربيع
__________________
(١) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٣٧ : ست سنوات.
(٢) في الخطط المقريزية : الأسعد هبة الله الفائزي.
(٣) وهو آخر ملوك بني أيوب في مصر.
(٤) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٣٨ : قتلته شجرة الدر في الحمام ليلة الأربعاء رابع عشري ربيع الأول.