تقلّدت جلائل
الأمور فلبستها نباهة وتقويما ، وباشرتها فأحرزت بمناقبك جلالة ووجاهة وتفخيما ،
تجرجر بك الرّتب أذيال الفخر والإجلال ، وتزهى بأفعالك التي يبعث عليها ما أوتيته
من شرف الجلال.
ولم تزل تدابير
أولياء الدولة ورجالها بفضائل سياستك فتثبّت لهم الأقدام ، وتكسبهم عزّة النفوس
فيستهينوا في حقّ الانتصار بملاقاة الحمام.
ورمى الله بك طغاة
الكفّار بتأييد الإسلام ، واختارك للمجاهدة عن الملّة فأصبحت بك مرفوعة الأعلام ،
وأبدت الأعداء الجوامع الباكيات من المحايد والمخلوف وأعمال الحسام ؛ فلو تراخى بك
الأمل في جهادهم لكنت لجملهم مستأصلا ، ولغدوت لهم عن الأعمال السامية بعرفانك
فاضلا ، فأثرك فيهم الأثر الذي لم يبلغه مجاهد ، وما فللت في هامهم من حدّ العضب
الصارم بباسل ناطق وبجدل شاهد.
فما يبلغ التّعداد
ما جمعته من المناقب والفضائل ، ولا يستولي الإحصاء على مالك من المفاخر التي لا
يحيط بها أحد من الملوك الأوائل ، فتجمع زهد الأبدال إلى همم الأكاسرة ، وتوفّق في
أعمالك بين ما يقضي بصلاح الدنيا وحسن ثواب الآخرة ، فأنت البرّ التقيّ النقيّ
الحسيب ، الطاهر المبرّأ من كلّ دنس وعيب ، والمرضي خالقه بالأفعال التي لا ينجو
بها لبس ولا ريب ، وواحد الدنيا لا يسامى ولا يطاول ، والملك الأوحد الذي برعت
أدوات كماله فما يشابه ولا يماثل.
جعلتك الفضائل
غريبا في الأنام ، وخصّك الحظّ السعيد بفطرة فتهرب أن تأتي بمثلها الأيام ، وحويت من
الأخلاق الملوكيّة ما قصّر بعظماء الملوك عن مجاراتك ، واقتنيت من الحكم والمعارف
ما جعل كافة العلماء مفترقين بعظم فضيلة ذاتك ، وقرنت بين من عزّه إذفرار البيت
ولطافة حكم القلم ، وكاثرت فيك المعجزات لجمعك ما افترق من مفاخر الأمم.
فما أشرف ما أفردك
الله به من كمال الشجاعة والبراعة ، وتوحّدك بمجده من معجزات تصنيف الصارم
واليراعة ، فسيفك مؤيّد في قطّ العضو والهام ، وقلمك ماض في البلاغتين مضاء لا
يدرك إلا بالإلهام ، فكم مقام جلال وجلاد فرّجته بعضب وبنان ، وموقف خطاب وضراب
كشفت غمّته بسنّ قلم وسنان.
فسبحان من أفردك
باستكمال المآثر ، وجمع لك من المحاسن ما أعجز وصفه جهد الناظم والناثر ، وآتاك
غاية شرف النفس وكرم الأصل ، ومكّنك من كلّ منقبة بإحراز السبق وإدراك الحصل ،
وأطلعك من أفق علاء تكاثرت سعوده ، واستخلصك من