في حمدها اجتهادا يرجو به درك الأمنية ، ويتحقّق أنّ أسماها محلّا وقدرا ، وأولاها على كافّة البرية ثناء وشكرا ، وأعلاها قيمة ، وأعمّها نفعا وأعذبها ديمة ، وأجمعها لضروب الجدل والاستبشار ، وأجدرها بأن تؤثر في الأمم أحسن الآثار ، وأوسعها في مضمار الاعتداد مجالا ، وأعظمها على الرئيس والمرؤوس نفعا وجمالا. النّعمة بك أيّها السيّد الأجلّ والتغوّث والدعاء إذ كنت نجدة الله المذخورة لأمنائه على خلقه ، والقائم دون البريّة بما افترضه عليهم من مظاهرة أمير المؤمنين والأخذ له بحقّه ، واللطف الذي كان من الإمامة ومن إعدامها حاجزا ، والنّصر الذي أصبح به أمير المؤمنين بعون الله فائزا ، وحزب الله القاهر الغالب ، وشهاب أمير المؤمنين الصائب الثاقب ، وظلّه الذي يفيء على العام والخاصّ ، ومنهل فضله الذي يصفو ويعذب لذوي الولاء والإخلاص ، وسيفه الذي يستأصل ذوي الشقاق والنفاق ، ويده التي ينبعث منها ينابيع العطاء وسحائب الأرزاق ، والوليّ الذي ارتضاه أمير المؤمنين للمصالح كفيلا ، والصفيّ الذي لا تبغي دولته عن موازرته تبديلا ولا تحويلا.
فعلوّ قدرك عند أمير المؤمنين لا ينتهي إلى أمد محدود ، وقيامك في الأخذ بحقّه يتجاوز كلّ سعي مبرور ومقام محمود ، ودعائمه بنصرك الله في طاعته يصفو عنده كلّ عظيم في مجافاتك ، وشفاؤك صدر أمير المؤمنين من أعدائه ، أعجز القدرة عمّا يشفي غليله في إحسان مجازاتك.
ولقد حزت من المآثر ما فقت به أهل عصرك قدما وسبقا ، وسموت بجمالك إلى ذوي مجد لا تجد الهمم العليّة إلى تمنّيها مرقا ، وما زلت في كلّ أزمنتك سلطانا مهيبا ، وفردا في المجالس لا تدرك له الأفكار ضريبا ، ومطاعا تبارك بأنبائه الأندية والمحافل ، وهماما تخضع باسمه المهائب وتذعن الجحافل ، وسيدا تلقى إليه مقاليد التقدمة والسيادة ، ومعظّما ليس على ما خصه الله به من التعظيم موضع الزيادة.
وكشف الله أمرك في الولاء فدعاك الأئمة ظهيرا ، وزاد في إنعامه على الأمّة فارتضاك لهداة أهل بيته معينا ونصيرا ، ووفّر نصيبك من الفضائل والمناقب فوهبك منها ما أفاضه عليك سرفا ، وأحظى الملوك بتمكّنك منهم وكونك لهم فخرا وشرفا ، فلا رتبة علاء إلا وقد فرعتها منزلا ، ولا منزلة سناء إلّا وقد سموت إليها منتقلا ، ولا مزيّة فضل إلا احتويت عليها وحزتها ، ولا منزلة فخر إلّا طلتها بفضائلك وجزتها ، ولا مأثرة إلّا وكنت فاتح بابها ، ولا منزلة خطيرة إلّا وأنت مستوجبها وأولى بها. ولا سماة مجد إلّا وخصائلك طالعة في آفاقها أقمارا ، ولا موقف فضل إلّا ولك فيه تقدّم ولا تنازع فيه ولا تمارى ، فما يوجد مقدّم إلا وقد فضلته بآثارك وتقدّمته ، ولا مميز إلا أسمته في جناب فضلك ورسمته.