وصندوقان كبيران فيهما إبر ذهب برسم النساء ، ومن سائر الأنواع ما لا يعلم قدره إلا الله.
وقام في الوزارة مكانه أبو عبد الله محمد بن مختار بن بابك البطائحيّ ، ولقّب المأمون ، وهو باني الجامع الأقمر ، وله صنف الإمام أبو بكر الطرطوشي كتاب سراج الملوك ، ثمّ قبض عليه الآمر ، وقتله في سنة تسع عشرة (١).
وقام في الوزارة أبو عليّ بن الأفضل ، ولقّب أمير الجيوش ، فلما ولي الحافظ استحوذ الوزير على الأمور دونه ، وحصر الحافظ في موضع لا يدخل عليه إلا من يريده ، ونقل الأموال من القصر إلى داره ، ولم يبق للحافظ سوى الاسم فقط ، ودعا لنفسه على المنابر بناصر أيام الحقّ ، هادي العصاة إلى اتّباع الحق ، مولى الأمم ، ومالك فضيلتي السيف والقلم. وخطب للمهدي المنتظر آخر الزمان ، فلم يزل كذلك إلى أن قتل في العشرين من المحرّم سنة خمس (٢) وعشرين ، قتله مملوك أفرنجيّ للحافظ بأمره.
واستوزر بعده مملوكه أبا الفتح بالبس (٣) الحافظيّ ، ولقّب أمير الجيوش أيضا ، ثمّ تخيّل منه الحافظ ، فدسّ عليه من سمّمه في ماء الاستنجاء ، فمات.
واستوزر بعده ابنه الحسن ـ أعني ابن الحافظ الخليفة ـ وكان وليّ عهد أبيه ، فأقام ثلاثة أعوام ، يظلم ظلما فاحشا ؛ حتّى إنه قتل في ليلة أربعين أميرا ، فخافه أبوه ، فدسّ عليه من سمّه ، فهلك في سنة تسع وعشرين (٤).
ثم استوزر بهرام (٥) الأرمني النصرانيّ ، ولقّب تاج الدولة ، فتمكّن في البلاد ، وأساء السيرة ، فقبض عليه الحافظ ، وسجنه.
واستوزر بعده رضوان بن الوحشيّ (٦) ، ولقبه الملك الأفضل ، ولم يلقّب وزير بذلك قبله ، ثمّ وقع بينه وبين الحافظ ، فقتله سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة ، واستقلّ بتدبير أموره وحده من غير وزير.
فلمّا ولي الظافر سنة أربع وأربعين وخمسمائة ، استوزر أبا الفتح بن فضالة (٧) بن
__________________
(١) الكامل لابن الأثير : ٨ / ٣١٩.
(٢) في الكامل لابن الأثير : ٨ / ٣٣٤ : سنة ست وعشرين وخمسمائة.
(٣) في الكامل لابن الأثير : ٨ / ٣٣٥ : يأنس.
(٤) الكامل لابن الأثير : ٨ / ٣٤٦.
(٥) الكامل لابن الأثير : ٨ / ٣٤٧.
(٦) في الكامل لابن الأثير : ٨ / ٣٥٦ : الريحيني.
(٧) في الكامل لابن الأثير : ٩ / ٢٤ : ابن مصال.