المغربيّ ، ولقّب أمير الجيوش ، فأحسن السيرة ، ثم قتل سنة خمس وأربعين.
ووزر ابن سلّار ، ولقب الملك العادل ، ثمّ قتل من عامه.
ووزور أبو نصر عباس الصّنهاجيّ (١) ، فدسّ عليه الظافر من قتله فقتل هو أيضا.
فلما أقيم الفائز وزر له طلائع بن رزّيك ، وتلقّب بالملك الصالح ، وهو صاحب الجامع بجوار باب زويلة ، وخلع عليه مثل الأفضل أمير الجيوش بدر الجمالي من الطّيلسان المقوّر ، وكتب له تقليد من إنشاء الموفق أبي الحجّاج يوسف بن علي بن الخلّال وهذه صورته :
بسم الله الرحمن الرحيم ، أما بعد فالحمد لله ، المنعم على المخلصين من أوليائه بسوابغ آلائه ، والمتكفّل لمن نصره بنصره وتثبيت قدمه وإعلائه ، الممهّد لمن قام بحقّه أرفع مراتب الدنيا والآخرة ، والموضّح لمن حامى عن الدولة الفاطمية آيات التأييد الباهرة ، والجامع القلوب على طاعة من أطاعه في الدفاع عن أهل بيت نبيّه ، والمحسن إلى من أحسن إلى مهجته غيرة لأئمة الهدى المصطفين من عترة وصيّه ، والمذلّل الصعاب لمن رفع راية الإيمان ونشرها ، والميسّر الطّلاب لمن أحيا كلمة التوحيد وأنشرها ، ممّن أحبّ الله ورسوله ممّن اصطفاه من أبرار عباده ، والماحي إساءة من أعلن ببيان الحقّ وجهر بعباده ، والمعرض من أسعده بالسبق إلى مرضاته ، لنيل غايات المنّ الجسيم والمرتّب من جاء في ذاته ، في أرفع مراتب الإجلال والتفخيم ، والموجب لمن أخلص منه وأحسن عملا تعجيل مقام الفخر الكريم ، وتأجيل الخلود في النعيم ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
والحمد لله الذي أوضح أنوار الحقائق بأنبيائه الهداة ، وأبان برسله الأمناء لعباده مناهج النجاة ، وجعل العمل بمراشدهم ذريعة الموقنين إلى عليّ المنازل ورفيع الدرجات ، وختمهم بأفضلهم نفسا ومحتدا ، وأحقّهم بأن يكون لكفاتهم سيّدا ، محمد هادي الأنام ، والداعي إلى الإسلام ، والمخصوص بانشقاق القمر وتظليل الغمام ، وأورث أخاه وابن عمّه باهر شرفه وبارع علمه ، وأفرده بإمامة البشر وخصّ ، وأقرّها في في عقبه إلى يوم القيامة بجليّ النصّ ، فأصبحت الإمامة للملّة الحنيفيّة قواما ، ولأسباب الشريعة بأسرها نظاما ، ونقل الله نورها في أئمة الهدى من نسله فتناولها الآخر من الأوّل ، وتلقّاها الأكمل عن الأكمل ، فكلّما رام معاند بحيف نورها ، أو قصد منافق إخفاء ظهورها ، زاد أنوارها إشراقا ، ووجد لبدورها كمالا واتّساقا ، ومكّن قواعد دولتها
__________________
(١) الكامل لابن الأثير : ٩ / ٤١.