المستفتي. ثمّ عزله عن القضاء ، وعزل القاضيين : شمس الدين السّروجيّ (١) الحنفيّ والحنبليّ ، وأبقى المالكيّ ، لكونه كان وصيّا عليه من جهة أبيه قلاوون.
وقال الشيخ صدر الدين بن المرحّل (٢) : كيف تقول في قصيدتك :
ما للصّبيّ وما للملك يكفله |
|
شأن الصبيّ بغير الملك مألوف؟! |
فحلف ابن المرحّل ما قال هذا ، وإنّما الأعداء زادوا هذا البيت في القصيدة ، والعفو من شيم الملوك ؛ فعفا عنه.
وجاء الشيخ شمس الدين بن عدلان (٣) يستأذن ، فقال الناصر للدوادار : قل له : أنت أفتيت أنّه خارجيّ ، وقتاله جائز ، مالك عندي دخول! ولكن عرّفه أنّه وابن المرحّل يكفيهما ما قال الشارمساحيّ في حقّهما ، وكان الأديب شهاب الدين أحمد بن عبد الدائم الشارمساحيّ الماجن قال :
ولّى المظفّر لمّا فاته الظّفر |
|
وناصر الحقّ وافى وهو منتصر |
وقد طوى الله من بين الورى فتنا |
|
كادت على عصبة الإسلام تنتشر |
فقل لبيبرس إنّ الدهر ألبسه |
|
أثواب عارية في طولها قصر |
لمّا تولّى تولّى الخير عن أمم |
|
لم يحمدوا أمره فيها ولا شكروا |
وكيف تمشي به الأحوال في زمن |
|
لا النيل أوفى ، ولا وافاهم مطر |
ومن يقوم ابن عدلان بنصرته |
|
وابن المرحّل قل لي : كيف ينتصر؟! |
وكان النيل لم يوفّ سنة تولّى المظفر ، وارتفع السعر.
قلت : الكلّ مظلومون مع النّاصر ، فإنهم أفتوا بالحقّ ، ولكن جبروت وظلم وعسف ، وشوكة وصبا وجهل ، فمن يخاطب الإنسان!
واستمرّ الناصر في السلطنة بلا منازع ، فحجّ خفيفا في سنة اثنتي عشرة من طريق الكرك ، وعاد إلى دمشق ، ثمّ حجّ من القاهرة سنة تسع عشرة ومعه قاضي القضاة البدر
__________________
(١) هو قاضي القضاة شمس الدين محمد بن إبراهيم بن عبد الغني السروجي الشافعي ، توفي في ربيع الآخر سنة ٧١٠ ه وله ثلاث وسبعون سنة. [شذرات الذهب : ٦ / ٢٣].
(٢) هو صدر الدين أبو عبد الله محمد بن عمر بن مكي بن عبد الصمد بن عطية بن أحمد الشافعي العثماني المعروف بابن المرحل وبابن الوكيل. ولد سنة ٦٦٥ ه بدمياط ، وله نظم رائق. توفي بالقاهرة سنة ٧١٦ ه. [شذرات الذهب : ٦ / ٤٠].
(٣) وهو شيخ الشافعية ، واسمه محمد بن أحمد بن عثمان بن إبراهيم بن عدلان. ولد سنة ٦٦٣ ه ، وتوفي سنة ٧٤٩ ه. [شذرات الذهب : ٦ / ١٦٤].