ومن فوق قماشهم بحلق وإبزيم وجلواز كبير ، يسع نصف ويبة أو كثر ؛ فأبطل المنصور ذلك كلّه بأحسن منه ؛ وأقام في السّلطنة إلى أن توفّي يوم السبت سادس ذي القعدة سنة تسع وثمانين (١).
وأقيم بعده ولده الملك الأشرف صلاح الدين خليل ، فلمّا كان يوم الجمعة رابع عشر شوّال سنة تسعين ، سأل الأشرف الخليفة الحاكم بأمر الله ، أن يخطب بنفسه النّاس ، وأن يذكر في خطبته أنّه قد ولّى السلطنة الأشرف خليل بن المنصور. فلبس الخليفة خلعة سوداء ، وخطب الناس بجامع القلعة (٢) ، ورسم لقاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة من ثمّ أن يخطب بالقلعة عند السلطان ، فخطب يوم الجمعة التي خطب فيها الخليفة ، واستمرّ يخطب ويستنيب في الجامع الأزهر. ثمّ أمر الأشرف بقراءة ختمة عند قبر الملك المنصور في ليلة الاثنين رابع ذي القعدة ، فحضرها القضاة والأمراء والأعيان ، ونزل السلطان ومعه الخليفة إليهم وقت السّحر ، وخطب الخليفة بعد الختمة خطبة بليغة ، حرض الناس فيها على غزو بلاد العراق ، واستنقاذها من أيدي التتار ، واستمر الأشرف في السلطنة إلى أن قتل بتروجة (٣) في ثالث (٤) المحرم سنة ثلاث وتسعين ، ونقل فدفن في مدرسته (٥) التي أنشأها بالقرب من السيدة نفيسة ، وقال ابن حبيب يرثيه :
تبّا لأقوام لمالك رقّهم |
|
قتلوا وما رقّوا لحالة مترف |
وافوه غدرا ثمّ صالوا جملة |
|
بالمشرفيّ على المليك الأشرف |
وأقيم أخوه ناصر الدين أبو الفتوح محمد ، ولقّب الملك الناصر ، وعمره يومئذ تسع سنين (٦) ، واستمرّ إلى حادي عشر المحرّم سنة أربع وتسعين ، فخلع.
وتسلطن زين الدين كتبغا (٧) المنصوري من سبي التّتار ولقّب الملك العادل ، فأقام
__________________
(١) الخطط المقريزية : ٢ / ٢٣٨.
(٢) أنشأه الملك الناصر محمد بن قلاوون في سنة ٧١٨ ه. [الخطط المقريزية : ٢ / ٣٢٥].
(٣) في الخطط المقريزية : ٢ / ٣٢٥ : الطرّانة. وفي معجم البلدان : تروجة قرية بمصر من كورة البحيرة من أعمال الاسكندرية.
(٤) في المصدر السابق : ثامن عشر المحرّم.
(٥) في المصدر السابق : مدرسة الأشرفيّة.
(٦) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٣٩ : سبع سنين.
(٧) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٣٩ : وهو أحد مماليك المنصور قلاوون.