سير سير شديد ، فالنائب ضمير في سير مدلول عليه بغير سير ، وهو القول المذكور ، فإن كان مدلولا عليه بالفعل كقولك : جلس وضرب وأنت تريد هو ، أي : جلوس وضرب لم يجز ، قال أبو حيان : وفي كلام ابن طاهر إشعار بجوازه ، ولا يجوز إقامة وصف المصدر مقام المصدر الموصوف ، فلا يقال في سير سير حثيث : سير حثيث ، بل يجب نصبه ، وأجازه الكوفيون وشرط الظرف أن يكون مختصا بخلاف غيره ، فلا يقال في سرت وقتا وجلست مكانا : سير وقت وجلس مكان ؛ لعدم الفائدة ، ويجوز سير وقت صعب وجلس مكان بعيد.
وأن يكون متصرفا بخلاف ما لزم الظرفية كسحر وثم وعند ؛ لأن نيابته عن الفاعل تخرجه عن الظرفية ، وأجاز الكوفيون والأخفش نيابة غير المتصرف نحو : سير عليه سحر وجلس عندك ، ولا يجوز أيضا نيابة الظرف المنوي وجوزه ابن السراج كالمصدر ، وفي نيابة صفة الظرف الخلاف في نيابة صفة المصدر ، فالبصريون على المنع ، والكوفيون على الجواز ، وأما المجرور فإن جر بحرف زائد فلا خلاف في إقامته وأنه في محل رفع نحو : أحد في قولك : ما ضرب من أحد.
فإن جر بغيره فاختلف على أقوال أحدها : وعليه الجمهور أن المجرور في محل رفع وهو النائب نحو : سير بزيد ، كما لو كان الجار زائدا ، والثاني : وعليه هشام أن النائب ضمير مبهم مستتر في الفعل ، وجعل ضميرا مبهما ليتحمل ما يدل عليه الفعل من مصدر أو ظرف مكان أو زمان ؛ إذ لا دليل على تعيين أحدها.
والثالث : وعليه الفراء النائب حرف الجر وحده وأنه في موضع رفع ، كما أن الفعل في زيد يقوم في موضع رفع ، قال أبو حيان : وهذا مبني على الخلاف في قولهم : مر زيد بعمرو ، فمذهب البصريين أن المجرور في موضع نصب ، فإذا بني للمفعول كان في موضع رفع ، ومذهب الفراء أن حرف الجر في موضع نصب فلذا ادعى أنه إذا بني للمفعول كان في موضع رفع.
والرابع : وعليه ابن درستويه والسهيلي والرندي أن النائب ضمير عائد على المصدر المفهوم من الفعل ، والتقدير : سير هو ، أي : السير ؛ لأنه لو كان المجرور هو النائب لقيل : سيرت بهند وجلست في الدار ، ولكان إذا قدم يصير مبتدأ كما هو شأن الفاعل ، وذلك لا يتصور في المجرور ، ورد بأن العرب تصرح معه بالمصدر المنصوب نحو : سير