والرابع : أنه قبيح حينئذ ، أي : إذا كان نكرة والأول معرفة ، فإن كان معرفة كالأول كانا في الحسن سواء ، وعزي للكوفيين.
وإن كان من باب ظن أو أعلم ففيه أيضا أقوال : أحدها : الجواز إذا أمن اللبس ولم يكن جملة ولا ظرفا ، مع أن الأحسن إقامة الأول نحو : ظنت طالعة الشمس ، وأعلم زيدا كبشك سمينا ، والمنع إن ألبس نحو : ظن صديقك زيدا ، أو أعلم بشرا زيد قائما ، أو كان جملة أو ظرفا نحو : ظن في الدار زيدا ، وظن زيدا أبوه قائم ، وأعلم زيدا غلامك في الدار ، وأعلم زيدا غلامك أخوه سائر ، وهذا ما صححه طلحة وابن عصفور وابن مالك.
والثاني : المنع مطلقا وتعين الأول ؛ لأنه مبتدأ في الأصل وهو أشبه بالفاعل فكان بالنيابة عنه أولى ، وهذا ما اختاره الجزولي والخضراوي.
والثالث : الجواز بالشروط السابقة ، وبشرط ألا يكون نكرة فلا يجوز ظن قائم زيدا ، قال أبو حيان : فإن عدم المفعول الأول ونصبت الجملة فمقتضى مذهب الكوفيين الجواز نحو : أعلم أيهم أخوك ، وصرح به السيرافي والنحاس ، ومنعه الفارسي.
وإن كان من باب اختار ففيه قولان أصحهما كما قال أبو حيان تعين الأول وهو ما تعدى إليه بنفسه ، وعليه الجمهور ، وامتناع إقامة الثاني نحو : اختير زيد الرجال وبه ورد السماع قال :
٦٣٨ ـ ومنّا الذي اختير الرّجال سماحة
وجوز الفراء وابن مالك إقامة الثاني نحو : اختير الرجال زيدا ، وأشار أبو حيان إلى أن الخلاف مبني على الخلاف في إقامة المجرور بالحرف مع وجود المفعول به الصريح ؛ لأن الثاني هنا على تقدير حرف الجر ، وأما الثالث من باب أعلم فلا يجوز إقامته ، وقال الخضراوي وابن أبي الربيع بالاتفاق ، لكن قال أبو حيان : ذكر صاحب «المخترع» جوازه ، وعن بعضهم بشرط ألا يلبس نحو : أعلم زيدا كبشك سمين ، وهو مقتضى كلام «التسهيل» ، وجزم به ابن هشام في «الجامع».
__________________
٦٣٨ ـ البيت من الطويل ، وهو للفرزدق في ديوانه ١ / ٤١٨ ، والأشباه والنظائر ٢ / ٣٣١ ، والخزانة ٩ / ١١٣ ، ٥ / ١١٥ ، ١٢٣ ، ١٢٤ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٢٤ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٢١ ، والكتاب ١ / ٣٩ ، واللسان مادة (خير) ، وبلا نسبة في شرح المفصل ٨ / ٥١ ، والمقتضب ٤ / ٣٣٠ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٥٢٤.