وسجع وإيجاز ، فينوب عنه المفعول به فيما له ويقام الثاني من باب أعطى ؛ إذ لا لبس ، ومنعه قوم ، وثالثها إن كان نكرة والأول معرفة ، ورابعها قبيح ، وظن وأعلم ، خلافا لقوم إن أمن أو لم يكن جملة ولا ظرفا ، قيل : ولا نكرة ، والأول أولى لا ثاني اختار ، وثالث أعلم على الصحيح فيهما.
(ش) قد يترك الفاعل لغرض لفظي أو معنوي كالعلم به نحو : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ) [البقرة : ٢١٦] ؛ للعلم بأن فاعل ذلك هو الله ، أو للجهل به كسرق المتاع ، أو تعظيم فيصان اسمه عن أن يقترن باسم المفعول كقوله : «من بلي منكم بهذه القاذورات» (١) ، أو تحقيره فيصان اسم المفعول عن مقارنته كقولك : أوذي فلان إذا عظم ، أو حقر من آذاه ، أو خوف منه ، أو خوف عليه فيستر ذكره ، أو قصد إبهامه بأن لا يتعلق مراد المتكلم بتعينه نحو : (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ) [البقرة : ١٩٦] ، (وَإِذا حُيِّيتُمْ) [النساء : ٨٦] ، (إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا) [المجادلة : ١١] ، أو إقامة وزن الشعر كقوله :
٦٣٧ ـ وإذا شربت فإنّني مستهلك |
|
مالي وعرضي وافر لم يكلم |
وإصلاح السجع نحو : من طابت سريرته حمدت سيرته ، أو قصد الإيجاز نحو : (وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ) [الحج : ٦٠] ، فينوب عنه المفعول به فيما له من رفع وعمديّة ووجوب تأخير وامتناع حذف ، وينزل منزلة الجزء.
فإن كان الفعل مما يتعدى لأكثر من واحد فإن كان من باب أعطى ففي إقامة المفعول الثاني عن الفاعل دون الأول الأقوال : أصحها وعليه الجمهور الجواز إذا أمن اللبس نحو : أعطي درهم زيدا ، والأحسن إقامة الأول ، والمنع إذا لم يؤمن ويتعين الأول نحو : أعطي زيد عمرا ؛ إذ لا يدري لو أقيم الثاني هل هو آخذ أو مأخوذ.
والثاني : المنع مطلقا.
والثالث : المنع إن كان نكرة والأول معرفة ؛ لأن المعرفة بالرفع أولى قياسا على باب كان ، وعزاه أبو ذر الخشني للفارسي.
__________________
٦٣٧ ـ البيت من الكامل ، وهو لعنترة في ديوانه ص ٢٠٦ ، والأغاني ٩ / ٢١٢ ، والشعر والشعراء ١ / ٢٠١ ، ٢٥٩ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٩٤٥.
(١) أخرجه مالك ، كتاب الحدود ، باب ما جاء فيمن اعترف على نفسه بالزنا (١٥٦٢).