(ش) في القول وما تصرف منه استعمالات :
أحدها : أن يحكى به الجمل نحو : (قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ) [مريم : ٣٠] ، (يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا) [المائدة : ٨٣] ، (قُولُوا آمَنَّا) [البقرة : ١٣٦] ، (وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً) [الرعد : ٥] الآية ، (وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا) [الأحزاب : ١٨] ،
مقول لديهم : لا زكا مال ذي بخل
والأصل أن يحكى لفظ الجملة كما سمع ، ويجوز أن يحكى على المعنى بإجماع ، فإذا قال زيد : عمرو منطلق ، فلك أن تقول : قال زيد : عمرو منطلق ، أو المنطلق عمرو ، فإن كانت الجملة ملحونة حكيت على المعنى بإجماع فتقول في قول زيد : عمرو قائم بالجر ، قال زيد : عمرو قائم بالرفع ، وهل تجوز الحكاية على اللفظ؟ قولان صحح ابن عصفور المنع قال : لأنهم إذا جوزوا المعنى في المعربة فينبغي أن يلتزم في الملحونة ، وإذا حكيت كلام متكلم عن نفسه نحو : انطلقت فلك أن تحكيه بلفظه ، فتقول : قال فلان : انطلقت ، ولك أن تقول : قال فلان : انطلق ، أو إنه انطلق ، وهو منطلق.
وهل يلحق بالقول في ذلك معناه كناديت وجعوت وقرأت ووصيت وأوحى؟ قولان : أحدهما نعم وعليه الكوفيون نحو : (وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ) [الزخرف : ٧٧] ، (فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ) [القمر : ١٠] ، بالكسر (فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ) [إبراهيم : ١٣] ، قرأت : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) [الفاتحة : ٢] ، واختاره ابن عصفور وابن الصائغ وأبو حيان ؛ لسلامته من الإضمار.
والثاني لا ، وعليه البصريون وقالوا : الجمل بعد ما ذكر محكية بقول مضمر ؛ للتصريح به في (نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا قالَ رَبِ) [مريم : ٣ ـ ٤] ، (وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِ) [هود : ٤٥] ، (وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ قالُوا ما أَغْنى) [الأعراف : ٤٨] ، واختاره ابن مالك.
الثاني : أن ينصب المفرد وهو نوعان :
أحدهما : المؤدي معنى الجملة كالحديث والشعر والخطبة ، كقلت حديثا وشعرا وخطبة ، ونصبه على المفعول به ؛ لأنه اسم الجملة ، والجملة إذا حكيت في موضع المفعول به فكذا ما بمعناها ، وقيل : على أنه نعت مصدر محذوف ، أي : قولا.