قال أبو حيان : وينبغي تخصيص ذلك ب : إن وحدها ؛ لأنها مورد السماع ، قال : والذي نص عليه شيوخنا المنع مطلقا وتأولوا البيت على إضمار القول ، ومنع مبرمان وقوع الماضي خبرا ل : لعل ، فلا يقال : لعل زيدا قام ، ومنع الأخفش وقوع سوف خبرا لليت فلا يقال : ليت زيدا سوف يقوم ؛ لأن ليت لما لم يثبت وسوف لما يثبت ، واختص خبر لعل بجواز دخول أن فيه حملا على عسى قال :
٥٠٥ ـ لعلّهما أن يبغيا لك حيلة
وفي الحديث : «لعل أحدكم أن يكون ألحن بحجته» (١) ، وقولي : «وبالممكن» مر تقريره.
الرابعة : تقع أن المفتوحة ومعمولاها اسما لهذه الأحرف بشرط الفصل بالخبر ، إلا ليت بلا شرط نحو : إن عندي أنك فاضل ، وكأنّ في نفسي أنك فاضل ، ولا يجوز أنك فاضل ونحوه ، ويجوز في ليت نحو : ليت أنك عندي ، فيكون أن ومعمولاها سادة مسد جزأي ليت ، وألحق الأخفش ب : ليت في ذلك لعل وكأن ولكن نحو : لعل أنك منطلق ، ولكن أنك منطلق ، وكأن أنك منطلق ، قال الجرمي : وهذا رديء في القياس ؛ لأن هذه الحروف إنما تعمل في المبتدأ ، وأن لا يبتدأ بها ، وأجاز هشام إن أن زيدا منطلق حق ، بمعنى إن انطلاق زيد حق ، وأجاز الكسائي والفراء إدخال أن لقوله :
٥٠٦ ـ وخبّرت أنّ أنّما بين بيته |
|
ونجران أحوى والجناب رطيب |
قال الفراء : أدخل أن على أنما ، وقال الفراء : لو قال قائل : أنك قائم يعجبني ، جاز أن تقول : أن أنك قائم يعجبني ، قال أبو حيان : وهذا من الفراء بناء على رأيه أن أن يجوز الابتداء بها.
__________________
ـ وبلا نسبة في شرح التصريح ١ / ٢٩٨ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٩١٤ ، ومغني اللبيب ٢ / ٥٨٥ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٨٢٠.
٥٠٥ ـ البيت من الطويل ، وهو لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ص ٩٩ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٣٦٤ ، وفي نسخة (حاجة) بدلا من (حيلة).
٥٠٦ ـ البيت من الطويل ، تفرد به السيوطي في همع الهوامع ، انظر المعجم المفصل ١ / ٩٤.
(١) أخرجه البخاري ، كتاب الأحكام ، باب موعظة الإمام للخصوم (٧١٦٩) ، ومسلم ، كتاب الأقضية ، باب الحكم بالظاهر واللحن بالحجة (١٧١٣).