امتنع الرفع كالأبيات السابقة ، ومثله سيبويه بقولك : امرر بأيهم أفضل إن زيدا وإن عمرا.
والثاني : بعد إن فقط إذا عاد اسم كان على مجرور بحرف سواء اقترنت إن ب : لا ، أم لا ، كقولهم : مررت برجل صالح إن لا صالحا فطالح ، وامرر بأيهم أفضل إن زيدا وإن عمرا ، فصالح وزيد بالنصب على تقدير إن لا يكن صالحا ، وإن يكن زيدا ، وحكى يونس فيه الجر على تقدير إن لا أمر بصالح أو إلا أكن مررت بصالح فقد مررت بطالح ، وأجازه في زيد على تقدير إن مررت بزيد وإن مررت بعمرو ، فوافقه ابن مالك على اطراده ، وقصره غيرهما على السماع ؛ لأن الجر بالحرف المحذوف مسموع غير منقاس.
قال أبو حيان : والصواب مع الجمهور لما في الأول من التكلف ولم يسمع مثل ذلك بعد لو أصلا ، وقولي : «وجعل تالي الفاء ... إلى آخره» أشرت به إلى أن قولهم : فخير من المثال السابق يجوز فيه أيضا الرفع والنصب والأول أرجح ؛ لأن المحذوف معه شيء واحد وهو المبتدأ ، ومع النصب شيئان ؛ ولأن وقوع الاسمية بعد فاء الجزاء أكثر ، والتقدير في الرفع فالذي يجزى به خير ، والنصب على حذف كان واسمها ، أي : كان الذي يجزى به خيرا ، أو على الحال ، أي : فهو يلقاه خيرا ، أو على المفعول بفعل لائق ، أي : فهو يجزى أو يعطى خيرا.
وعلم من ذلك أن في مسألة إن خيرا فخير أربعة أوجه ، أحسنها نصب الأول ورفع الثاني ، وأضعفها عكسه ، وبينهما نصبهما ورفعهما ، ثم قال الشلوبين : إنهما متكافئان ؛ لأن ما في نصب الأول من الحسن يقابله قبح رفعه ، وما في نصب الثاني من القبح يقابله حسن رفعه ، وقال ابن عصفور : بل رفعهما أحسن لقلة الإضمار فيهما بالنسبة إلى نصبهما.
القسم الثاني : ما يجوز بقلة وذلك في ثلاث صور : الأولى والثانية : بعد هلا وألا ، قال أبو حيان : يجري مجرى لو غيرها من الحروف الدالة على الفعل إذا تقدم ما يدل عليه ، لكنه ليس بكثير الاستعمال ، الثالثة : بعد لدن كقوله :
٤١١ ـ من لد شولا فإلى إتلائها
__________________
٤١١ ـ الرجز بلا نسبة في شرح المفصل ٤ / ١٠١ ، ٨ / ٣٥ ، والكتاب ١ / ٢٦٤ ، واللسان ، مادة (لدن) ، ومغني اللبيب ٢ / ٤٢٢ ، والمقاصد النحوي ٢ / ٥١ ، وشرح الأشموني ١ / ٢٤٣ ، وشرح التصريح ١ / ١٩٤ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١١٠٣.