(ش) إذا اجتمع في باب كان معرفتان ففي ما يتعين اسما وخلافه خبرا الأقوال السابقة في المبتدأ والخبر ، مع زيادة أقوال أخر ، فقيل : تخير فأيهما شئت جعلته الاسم والآخر الخبر ، وعليه الفارسي وابن طاهر وابن خروف وابن مضاء وابن عصفور ، وهو ظاهر كلام سيبويه ، فإنه قال : وإذا كانا معرفتين فأنت بالخيار أيهما ما جعلته فاعلا رفعته ونصبت الآخر.
وقيل : تنظر إلى المخاطب فإن كان يعرف أحد المعرفتين ويجهل الآخر جعل المعلوم الاسم والمجهول الخبر نحو : كان أخو بكر عمرا ، إذا قدرت أن المخاطب يعلم أن لبكر أخا ويجهل كونه عمرا ، وكان عمرو أخا بكر إذا كان يعلم عمرا ويجهل كونه أخا بكر ، وعلى هذا السيرافي وابن الباذش وابن الضائع ، وحملوا كلام سيبويه على ما إذا استويا عند المخاطب في العلم وعدمه.
وقيل : إن لم يستويا في رتبة التعريف جعل الأعرف منهما الاسم والآخر الخبر نحو : كان زيد صاحب الدار.
وقيل : الخبر غير الأعرف إلا إذا اجتمع إشارة مع غير ضمير فإنه يجعل الإشارة الاسم ، وإن كان مع أعرف منه كالعلم والمضاف إلى الضمير نحو : كان هذا أخاك ؛ لأن العرب اعتنت بتقديم الإشارة لمكان التنبيه الذي فيه ، أما مع المضمر فلا ولهذا كان ها أنا ذا أفصح من : ها ذا أنا ، وإلا إن كان أحدهما أنّ وأن المفتوحتين فإن الاختيار جعلهما الاسم والآخر الخبر ، ولهذا قرأ أكثر القراء : (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا) [النمل : ٥٦] بنصب جواب لشبههما بالمضمر من حيث إنهما لا يوصفان ، كما لا يوصف فعوملا معاملته إذا اجتمع مع معرفة غيره ، فإن الاختيار جعله الاسم ؛ لأنه أعرف.
وقيل : الخبر ما يراد إثباته مطلقا نحو : كان عقوبتك عزلك ، وكان زيد زهيرا ، وقول الشاعر :
٣٩٢ ـ فكان مضلّي من هديت برشده
أثبت الهداية لنفسه ، ولو قال : فكان هادي من أضللت به لأثبت الإضلال ، وعلى هذا ابن الطراوة ، وقيل : الخبر ما يراد إثباته بشرط أن يكون أحدهما قائما مقام الآخر أو مشبها به كالمثالين الأولين ما إذا كان هو نفسه كالبيت.
__________________
٣٩٢ ـ تقدم الشاهد برقم ٣٦١.