بيان ، ولا يجري ذلك هنا في ظاهر الإعراب ؛ لأن نصب الخبر يبينه ، فيجوز كان أخاك زيد ولم يكن خيرا منك أحد ، فإن خفي الإعراب وجب تأخير الخبر للإلباس نحو : صار عدوي صديقي ، وكان فتاك مولاك.
الرابعة : مذهب أكثر البصريين أنه لا يجوز أن يلي كان وأخواتها معمول خبرها من مفعول وحال وغيرهما إلا الظرف والمجرور ، فلا يقال : كان طعامك زيد آكلا ، ولا كان طعامك آكلا زيد ، وهذا الحكم غير مختص بباب كان ، بل لا يلي عاملا من العوامل ما نصبه غيره أو رفعه ، فإن كان معمول الخبر ظرفا أو مجرورا جاز أن يلي كان مع تأخير الخبر وتقديمه للتوسع في الظروف والمجرورات ، وجوز الكوفيون وطائفة من البصريين منهم ابن السراج أن يليها غير الظرف أيضا ؛ لوروده في قوله :
٣٩١ ـ بما كان إيّاهم عطيّة عوّدا
وأجيب بأن اسم كان ضمير الشأن مستتر فيها ، وعطية مبتدأ خبره عوّدا ، والجملة خبر كان فلم يل العامل كان ، بل ضمير الشأن ، وجوز بعضهم أن تكون فيه زائدة فإن تقدم مع الخبر على الاسم جاز إجماعا نحو : كان آكلا طعامك زيد ، وكذا يجوز تقدمه على كان نحو : طعامك كان زيد آكلا ، وعليه قوله تعالى : (وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ) [الأعراف : ١٧٧] ، واعلم أنه يتأتى في كان زيد آكلا طعامك أربعة وعشرون تركيبا ، وقد سقتها في «الأشباه والنظائر» ، وكلها جائزة عند البصريين إلا كان طعامك زيد آكلا ، وكان طعامك آكلا زيد ، وآكلا كان طعامك زيد.
اجتماع معرفتين في باب كان.
(ص) وإذا اجتمع معرفتان فأقوال : المبتدأ ، وقيل : الخبر غير الأعرف إلا إشارة مع غير ضمير وإلا أن وأن ، وقيل : ما يراد ثبوته مطلقا ، وقيل : إن قام مقامه أو شبه به ، وقيل : ما صح جوابا أو نكرتان بمسوغ تخير ، وفي الإخبار هنا ، وإن بمعرفة عن نكرة ثالثها سائغ إن أفاد ، والنكرة غير صفة محضة.
__________________
٣٩١ ـ البيت من الطويل ، وهو للفرزدق في ديوانه ١ / ١٨١ ، وتخليص الشواهد ص ٢٤٥ ، والخزانة ٩ / ٢٦٨ ، ٢٦٩ ، والمقتضب ٤ / ١٠١ ، وشرح التصريح ١ / ١٩٠ ، والمقاصد النحوية ، ٢ / ٢٤ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ١ / ٢٤٨ ، وشرح ابن عقيل ص ١٤٤ ، ١ / ١١٥ ، ومغني اللبيب ٢ / ٦١٠ ، وشرح الأشموني ١ / ٢٣٧ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٢٠٧.