(ش) فيه مسائل :
الأولى : اختلف في وجوب تأخير الخبر هنا إذا كان جملة على أقوال :
أحدها : يجب مطلقا ولا يجوز تقديمه ولا توسيطه سواء كانت اسمية نحو : كان زيد أبوه قائم ، أم فعلية رافعة ضمير الاسم نحو : كان زيد يقوم ، أم غير رافعة نحو : كان زيد يمر به عمرو ، ومستند المنع في ذلك عدم سماعه.
والثاني : لا مطلقا فيجوز التقديم والتوسيط ، وذكر ابن السراج أنه القياس وإن لم يسمع ، وصححه ابن مالك ، قال : لأنه وإن لم يسمع مع كان فقد سمع مع الابتداء ، كقول الفرزدق :
٣٩٠ ـ إلى ملك ما أمّه من محارب |
|
أبوه ولا كانت كليب تصاهره |
قال : ويدل لجوازه مع كان تقديم معموله في قوله تعالى : (أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ) [سبأ : ٤٠] ، (وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ) [الأعراف : ١٧٧] ، وتقديم المعمول يؤذن بتقديم العامل.
والثالث : المنع في الفعلية الرافعة لضمير الاسم والجواز في غيرها ، وصححه ابن عصفور وقال : لأن الذي استقر في باب كان أنك إذا حذفتها عاد اسمها وخبرها إلى المبتدأ والخبر ، ولو أسقطتها من كان يقوم زيد على أن يكون يقوم خبرا مقدما ، فقلت : يقوم زيد لم يرجع إلى المبتدأ والخبر.
الثانية : لا يجوز تقديم الخبر مع تأخر معموله المرفوع ، فلا يقال : قائما كان زيد أبوه ، أي : كان زيد قائما أبوه ، لما فيه من الفصل بين العامل ومعموله الذي هو كجزء منه ، فإن كان معموله منصوبا نحو : آكلا كان زيد طعامك ففيه أقوال ثالثها يقبح التقديم ولا يمتنع ؛ لأنه ليس بجزء من ناصبه ؛ لكونه فضلة ، فإن كان ظرفا أو مجرورا جاز بلا قبح إجماعا ؛ لأن العرب تتسع في الظرف والمجرور ما لا تتسع في غيرهما نحو : مسافرا كان زيد اليوم ، وراغبا كان زيد فيك.
الثالثة : تقدم من صور امتناع تقديم خبر المبتدأ أن يتساويا في التعريف والتنكير ولا
__________________
٣٩٠ ـ البيت من الطويل ، وهو للفرزدق في ديوانه ١ / ٢٥٠ ، والخصائص ٢ / ٣٩٤ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٣٥٧ ، ومعاهد التنصيص ١ / ٤٤ ، والمقاصد النحوية ١ / ٥٢٥ ، وبلا نسبة في رصف المباني ص ١٨ ، وشرح ابن عقيل ص ١١٨ ، ومغني اللبيب ١ / ١١٦ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٣٨١.