لا؟ فالبصريون على الأول ، والكوفيون على الثاني ، وأما ليس فجمهور الكوفيين والمبرد والزجاج وابن السراج والسيرافي والفارسي وابن أخته والجرجاني ، وأكثر المتأخرين منهم ابن مالك على المنع فيها قياسا على فعل التعجب وعسى ونعم وبئس ، بجامع عدم التصرف ، وقدم ما للبصريين ، ونسبه ابن جني إلى الجمهور ، واختاره ابن برهان والزمخشري والشلوبين وابن عصفور على الجواز ؛ لتقديم معموله على قوله تعالى : (أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ) [هود : ٨] ، وفرق بين ليس وبين الأفعال المذكورة.
وأما زال وإخوته ففي تقديم الخبر عليها ثلاثة أقوال : أحدها المنع مطلقا سواء نفيت ب : ما أو بغيرها وعليه الفراء ، والثاني الجواز مطلقا وعليه سائر الكوفيين ؛ لأن ما عندهم ليس لها الصدر كغيرها ، والثالث وهو الأصح وعليه البصريون المنع إن نفيت ب : ما ؛ لأن لها الصدر ، والجواز إن نفيت بغيرها ك : لا ولم ولن ولما وإن ، وألحق دريود لم ولن ب : ما ، فمنع التقديم إن نفي بهما ، وأما تقديمه على الفعل دون ما بأن توسط بينهما نحو : ما قائما زال زيد فالأصح جوازه ، وعليه الأكثرون ، ومنعه بعضهم ؛ لأن الفعل مع ما كحبذا فلا يفصل بينهما ، وأما توسيطه بين ما ودام فنص صاحب «الإفصاح» وبدر الدين بن مالك على أنه لا يجوز ؛ لأن الموصول الحرفي لا يفصل بينه وبين صلته بمعمولها ؛ ولأن دام لا يتصرف ، وقال أبو حيان : القياس الجواز ؛ لأن ما حرف مصدري غير عامل ، ولا يمتنع فيه ذلك إلا أن يثبت أن دام لا تتصرف فيتجه المنع.
وجوب توسيط الخبر أو منعه :
(ص) ويجبان ويمنعان لما مر.
(ش) قد يجب توسيط الخبر أو تقديمه ، وقد يمنع كل من ذلك للأمور الموجبة أو المانعة في خبر المبتدأ ، مثال وجوب التوسيط ما كان قائما إلا زيد ، ومثال وجوب التقديم أين كان زيد ، وكم كان مالك ، ومثال وجوب أحدهما على سبيل التخيير كان في الدار ساكنها ، وكان في الدار رجل يجوز تقديم الخبر وتوسيطه ، ولا يجوز تأخيره ، ومثال منعهما ووجوب التأخير كان بعل هند حبيبها ؛ لأجل الضمير ، وصار عدوي صديقي للإلباس.
(ص) وفي تأخير الجملة ، ثالثها : يجب إن رفع ضمير الاسم ، ويمنع تقديم خبر تأخر مرفوعه ، وفي منصوب لا ظرف ، ثالثها يقبح ، لا ظاهر إعراب مشارك عرفا ونكرا ، ولا يليها معمول خبرها كغيرها خلافا للكوفية وابن السراج ، إلا ظرف ، ويجوز مع خبر وتقدمه.