وشرط ما تدخل عليه دام وليس والمنفي ب : ما من جميع أفعال هذا الباب زيادة على ما سبق ألا يكون خبره مفردا طلبيا ؛ لأن له الصدر ، وهذه لا يتقدم خبرها فلا يقال : لا أكلمك كيف ما دام زيد ، ولا أين ما زال زيد ، ولا أين ما يكون زيد ، ولا أين ليس زيد ، ولم يشرط ذلك الكوفيون فسووا بينها وبين غيرها ، ولم يشرطه الشلوبين في ليس بناء على اعتقاده جواز تقديم خبرها ، ولا يشترط ذلك في المنفي بغير ما ك : لم ولا ولن ، ولا في غير المنفي إجماعا.
وشرط ما تدخل عليه صار وما بمعناها ، ودام وزال وأخواتها زيادة على ما سبق : ألا يكون خبره فعلا ماضيا ، فلا يقال : صار زيد علم ، وكذا البواقي ؛ لأنها تفهم الدوام على الفعل واتصاله بزمن الإخبار ، والماضي يفهم الانقطاع فتدافعا ، وهذا متفق عليه ، واختلف في جواز دخول بقية أفعال الباب على ما خبره ماض ، فالصحيح جوازه مطلقا وعليه البصريون ؛ لكثرته في كلامهم نظما ونثرا كثرة توجب القياس ، قال تعالى : (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ) [يوسف : ٢٦] ، (إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ) [المائدة : ١١٦] ، (إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ) [الأنفال : ٤١] ، (أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ) [إبراهيم : ٤٤] ، وقال الشاعر:
٣٦٨ ـ ثمّ أضحوا لعب الدّهر بهم
وقال :
٣٦٩ ـ وقد كانوا فأمسى الحيّ ساروا
وحكى الكسائي : أصبحت نظرت إلى ذات التنانير ، يعني : ناقته ، وشرط الكوفيون في ذلك اقترانه ب : قد ظاهرة أو مقدرة ، وحجتهم أن كان وأخواتها إنما دخلت على الجمل لتدل على الزمان فإذا كان الخبر يعطي الزمان لم يحتج إليها ، ألا ترى أن المفهوم من زيد قام ومن كان زيد قائما شيء واحد ، واشتراط قد ؛ لأنها تقرب الماضي من الحال ، وشرط ابن مالك لدخول ليس على الماضي أن يكون اسمها ضمير الشأن ، كقولهم : ليس خلق الله أشعر منه ، قال أبو حيان : وليس هذا التخصيص بصحيح ، فقد حكى ابن عصفور اتفاق النحويين على الجواز من غير تقييد ، فإن قيل : ليس لنفي الحال فيلزم من الإخبار عنها بالماضي تناقض ، فالجواب أنها لنفي الحال في الجملة غير المقيدة بزمان ، وأما المقيدة فتنفيها على حسب القيد.
__________________
٣٦٨ ـ البيت من الرمل ، وهو لعدي بن زيد في ديوانه ص ٨٣ ، وأساس البلاغة ، مادة (عصف).
٣٦٩ ـ البيت من الوافر ، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر ٧ / ٢٢٤ ، واللسان والتاج ، مادة (حوج).