وراح عبد الله منطلقا ، أي : صار في حال ضحك وانطلاق ، ومنع ذلك الجمهور منهم ابن مالك وقالوا : المنصوب بعدهما حال ؛ إذ لا يوجد إلا نكرة.
وألحق الفراء بها أسحر وأفجر وأظهر ذكرها في كتاب «الحدود» ، قال أبو حيان : ولم يذكر لها شاهدا على ذلك ، وبها تمت أفعال الباب ثلاثين فعلا.
وذهب الكوفيون إلى أن هذا وهذه إذا أريد بهما التقريب كانا من أخوات كان في احتياجهما إلى اسم مرفوع وخبر منصوب ونحو : كيف أخاف الظلم وهذا الخليفة قادما ، وكيف أخاف البرد وهذه الشمس طالعة.
وكذلك كل ما كان فيه الاسم الواقع بعد أسماء الإشارة لا ثاني له في الوجود نحو : هذا ابن صياد أشقى الناس ، فيعربون هذا تقريبا والمرفوع اسم التقريب والمنصوب خبر التقريب ؛ لأن المعنى إنما هو على الإخبار عن الخليفة بالقدوم ، وعن الشمس بالطلوع ، وأتى باسم الإشارة تقريبا للقدوم والطلوع ، ألا ترى أنك تشير إليهما وهما حاضران ، وأيضا فالخليفة والشمس معلومان فلا يحتاج إلى تبيينهما بالإشارة إليهما ، وتبين أن المرفوع بعد اسم الإشارة يخبر عنه بالمنصوب ؛ لأنك لو أسقطت الإشارة لم يختل المعنى كما لو أسقطت كان من كان زيد قائما.
وقال بعض النحويين : يدخل في هذا الباب كل فعل له منصوب بعد مرفوع لا بد منه نحو : قام زيد كريما ، وذهب زيد متحدثا ، فإن جعلته تاما نصبت على الحال.
فإذا عرف ذلك فشرط المبتدأ الذي تدخل عليه أفعال هذا الباب : ألا يكون مما لزم الصدر كأسماء الشرط والاستفهام وكم الخبرية والمقرون بلام الابتداء ، ولا مما لزم الحذف كالمخبر عنه بنعت مقطوع ، ولا مما لزم الابتدائية كقوله : أقل رجل يقول ذلك إلا زيدا ، والكلاب على البقر ؛ لجريانه كذلك مثلا ، وكذا ما بعد لو لا الامتناعية وإذا الفجائية ، ولا مما لزم عدم التصرف ك : أيمن في القسم ، وطوبى للمؤمن ، وويل للكافر ، وسلام عليك ، ولا خبره جملة طلبية ، وشذ قوله :
٣٦٧ ـ وكوني بالمكارم ذكّريني
__________________
٣٦٧ ـ البيت من الوافر ، وهو لبعض بني نهشل في الخزانة ٩ / ٢٦٦ ، ٢٦٧ ، ونوادر أبي زيد ص ٣٠ ، ٥٨ ، وبلا نسبة في الخزانة ١٠ / ٢٤٦ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٣٨٩ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٩١٤ ، ومغني اللبيب ٢ / ٥٨٤ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٥٤٩.