لا يصلحه إلّا الفقر ، ولو أغنيته لأفسده ، وذلك أنّي أدبّر عبادي لعلمي بقلوبهم» (١)
وعن الإمام الحسن (ع) قال :
«أرزاق الخلائق في السماء الرابعة تنزل بقدر ، وتبسط بقدر» (٢)
وقال الإمام الصادق (ع) :
«وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ» : لو فعل (أي بسط رزقه) لفعلوا (أي لبغوا في الأرض) ولكن جعلهم محتاجين بعضهم الى بعض ، واستعبدهم بذلك ، ولو جعلهم أغنياء لبغوا «وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ» ممّا يعلم أنّه يصلحهم في دينهم ودنياهم «إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ» (٣)
[٢٨] ومظهر آخر لحكمة الله في تدبير الحياة الغيث الذي يمنعه عن العباد أو يرسله إليهم حسب حاجتهم واستحقاقهم واستيعابهم ، فبعد أن يجتاحهم القنوط ، وتكبح صفة الكبر من أنفسهم ، وتمنع عنهم صفة الطغيان ، لأنّهم لم يقدروا على تحصيل الماء بطريقة أخرى ، بعدئذ يرسل الغيث ، وينشر عليهم رحمته من خلال الغيث .. وهذه آية من آيات الهيمنة والحكمة.
(وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا)
وختم اليأس على أفئدة الناس جميعا (وهنا تتجلّى بوضوح بلاغة القرآن حيث تتوازى فيه كلمة الغيث التي تعني فيما تعني الإغاثة مع كلمة القنوط الذي تثيره
__________________
(١) نور الثقلين / ج (٤) ص (٥٧٩) .
(٢) المصدر.
(٣) المصدر.