وقال أكثر المفسّرين : إنّه العدل ، ولكن لم يذكروا كيف أنزله الله.
وقال البعض : إنّه هذا الميزان الذي يقيس به الناس أشياءهم ، ولم يحدّد هو الآخر كيف أنزله الله.
ولكن يبدو لي أنّ الميزان ـ هنا ـ شيء آخر أنزله الله الى جانب الكتاب ، ويشهد على ذلك أنّه لم يعطف كلمة الميزان إلى الحق بأن يقول : أنزل الكتاب بالحق وبالميزان.
وقد قال ربّنا في سورة الحديد : (وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) (١)
وقال سبحانه في سورة الرحمن : (وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ) (٢)
وقال تعالى في سورة الأعراف : (فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ) (٣)
فالميزان ـ إذا ـ قيم الكتاب ، وأوضح معانيه هذا الذي يتعارف الناس عليه في قياس سلعهم ، وفي تحديد حقوق بعضهم على البعض ، ويبقى السؤال : كيف أنزله الله؟
الجواب : إنّ الله أنزل على الإنسان العقل ، وضمّنه مقاييس ثابتة ، وعلّمه
__________________
(١) الحديد / (٢٥) .
(٢) الرحمن / (٧ ـ ٨) .
(٣) الأعراف / (٨٥) .