ثم إنّ التحدّي الكبير الذي يعيشه المؤمنون في مواجهتهم لقوى الشرك يدعوهم للوحدة بينهم ، لكي لا يجد الأعداء ثغرة للتسلل الى صفوفهم ، والإفساد بينهم من الداخل.
وفي ظروف التحدي تحتاج الأمة إلى المزيد من الاستقامة على طريق الدين (وإقامة الدّين كلّه دون أن يختلفوا فيه) ، والسبب هو أنّ الشيطان قد يوسوس إليهم بأن يتنازلوا عن بعض بنود الدّين لكسب المزيد من الأنصار ، بناء على سلّم الأولويات أو التدرّج في تطبيق الشريعة ، وقد يؤدّي ذلك الى الانحراف في الدّين ، مثلما حصل عند النصارى في التاريخ حيث كانت الديانة المسيحية نقية طاهرة فلما رأى الأحبار قلّة المنتمين إليها صمّموا على الاقتباس من أفكار الفلسفة القديمة الرائجة يوم ذاك ليؤمن الناس ، ومن بين ما أدخلوه عليها بعض الأفكار المقتبسة من الفلسفة المعروفة ب (النيوافلوطينية) ، فصارت الديانة التي عليها كثير من النصارى اليوم مشوبة بها.
واليوم نجد الناس يضيفون الثقافة القومية أو الوطنية أو الاشتراكية أو الرأسمالية الى الفكر الإسلامي ، وما هي سوى ألوان من الشرك إذا عرفنا جوهرها المتمثل في التسليم لغير الله.
إذا يجب علينا أن ندعو الى الدين الخالص بلا أيّ إضافة ، فإن استجاب الناس وإلّا فواجبنا بذل المزيد من الجهد ، وبدل أن ننزل ديننا الى مستوى الناس يجب أن نرفعهم الى مستواه ، وليس علينا بعد الدعوة والتبليغ مسئولية الهداية ، لأنّ الهداية من عند الله.
(اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ)