[٢٣] لم يجد فرعون نفعا توسله بالقضايا الجانبية ، لأن موسى جاء بحجة أبلغ ، فاضطر الى الجدل حول جوهر الرسالة ، ويبدو من سياق الحديث انه اتخذ نهج الاستهزاء وسيلة لجدله.
(قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ)
لم يقل : ومن رب العالمين لجهله المفرط ، وأسلوبه الساخر ، ولعله سأل عن طبيعة الله ، فلم يسترسل موسى معه ، لأن معرفة الذات مستحيلة.
[٢٤] انما مضى موسى قدما في دعوته الى الله عبر آياته ، وبيّن أن جهلهم بالله آت من نقص في أنفسهم.
(قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ)
وهكذا ينبغي ان يستدل المؤمن على ربه بآياته وأفعاله ، مقتديا بنهج أنبياء الله.
جاء في حديث مأثور عن أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ ، في صفة الله سبحانه :
«الذي سئلت الأنبياء عنه ، فلم تصفه بحدّ ، ولا ببعض ، بل وصفته بفعاله ، ودلت عليه بآياته» (٣)
وحين قال موسى : «إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ» أشار إلى أنّ الإيمان بالله لن يبلغه من لا يجهد ولا يبحث عن علم ويقين ، وأن جهلهم بربهم ناشئ من نقص فيهم ، حيث سدّوا منافذ قلوبهم عن نور المعرفة.
[٢٥] كان الحديث بين موسى وفرعون ، فأدار فرعون رحاه باتجاه الملأ من
__________________
(٣) المصدر / ص (٤٩).