الصرح : القصر الكبير الواسع ، حسبته لجة : أي مياه عميقة ، ورفعت ذيل ثيابها لئلا تبتلّ حين تخوض فيه.
(قالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ)
ممرّد : مستوي ، وهي لفظة مأخوذة من الأمرد ، والأمرد الذي ليس عليه شعر ، وبلغت الأرض الزجاجية حدا من الإستواء بحيث لا يبدو فيها أثر للتعرج ، ويبدو أنّ الزجاج كان معروف الصناعة على عهد سليمان (ع) وكانت صناعته متقدمة كالكثير من الصناعات الأخرى.
(قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)
وهنا عرفت بلقيس الحقيقة ، وتبدّد الضباب الذي كان يلفّ عقلها ويحجبها عن رؤية الحق ومعرفته ، وأخذت تنظر إلى الحياة بمنظار جديد ليس فيه مكان للكبرياء.
لماذا حدث هذا التحول التام الذي يشبه لحظة الاعتراف عند المجرمين بعد طول المراوغة؟
حينما يصطدم الإنسان بقضية مّا كان يجهلها فإنّ هذه القضية تثير عقله ، فيبدأ بإعادة النظر في أفكاره ومعتقداته ، وتؤدي إعادة النظر هذه الى انهيار النظام الفكري الذي كان يعتمد عليه ، فيتحرر عقله من الأغلال القديمة ، ويأخذ بالتفكير من جديد حتى ينتهي الى الحقيقة .. هكذا آمن السحرة بموسى حين هزموا ، وهذا ما حدث لبلقيس حين اصطدمت بما أعدّه لها سليمان من اختبار ، حيث أخذت تجدد نظرتها للحياة ، بعد أن وجدت أنّ نظرتها السابقة لها كانت غير صحيحة ، فقررت