[١٥٠ ـ ١٥١] (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ* وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ)
للإسراف أبعاد : إما في المال ، أو في الظلم ، أو في المعاصي ، وهذا يؤكد انه كان في قوم ثمود كثير من الطواغيت المتكبرين.
والملاحظة الأخرى أنّ الطبقية كانت منتشرة فيهم ، إذ قال نبيهم صالح (ع) لهم : «وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ» حيث يبدو أن هذه الطبقة أضحت طائفة خطيرة تزحف نحو القيادة.
وقال لهم نبيهم صالح (ع) اطيعوني ، ولا تطيعوا أمر المسرفين ، وقد سبّق طاعته بتقوى الله وقال : «فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ» لكي يبرر طاعته للناس بأن طاعته امتداد لطاعة الله.
ويبدو أن جوهر الفساد ، أو العامل الرئيسي له هو الإسراف ، فاذا زادت النعمة على الإنسان أسرف في تلك التي أعطاها الله إيّاها ، وبالتالي جعلها مادّة لفساده ، فقد يعطي الله إنسانا نعمة الجمال فيفسد بها ، أو نعمة الجنس فيفسد بها ، أو نعمة المال والولد فيتجبر بهما ويطغى على من هو دونه ... وهكذا.
فبدل أن يصل بهذه النعم إلى رضوان الله ، وإصلاح المجتمع ، وعمارة الأرض ، إذا به يصل إلى عبادة ذاته ، وبالتالي الإفساد في الأرض.
ان الله يرزقنا النعم كي نستفيد منها في عمارة الأرض ، والبلوغ الى جنانه ومرضاته ـ سبحانه ـ فقد رزقنا الله اليد لنأخذ بها حقّنا لا ان نبطش بها ، والعين لنبصر بها لا ان ننظر الى الحرام ، واللسان كي نسمع الناس الحكمة لا ان نتطاول به بالغيبة والبهتان والسباب ... وهكذا.