.................................................................................................
______________________________________________________
على أنّه توجيه لا يرضى به الشيخ وأتباعه ، لأنّهم صرّحوا بخلافه ، وستسمع الأدلّة من الأخبار والإجماع على وجوب الإتمام في الذهاب والمقصد ، فاشتراط الخروج إلى مسافة ممّا لا ريب فيه أصلاً. نعم وقع للعلّامة والشهيد في بعض عباراتهم الّتي أسمعناكها تعليق الحكم بالقصر على الخروج من غير تفصيل ، فيجب حمله على ما قيّدوه به في مواضع متعدّدة ، والأمر واضح. وقد تقدّم في مبحث توالي العشرة ما له نفع تامّ في المقام (١). فليس للشيخ وموافقيه مستند يعوّل عليه.
وقال مولانا المقدّس الأردبيلي في «مجمع البرهان» : وإن لم يقصد مسافة بل أقلّ فمع نيّة الإقامة هناك أيضاً فلا شكّ في وجوب الإتمام ، وأمّا مع عدمها فيكون قاصداً للرجوع مع عدم الإقامة المستأنفة أو متردّداً أو ذاهلاً. فالظاهر وجوب الإتمام مطلقاً إلّا أن يكون في نفسه السفر إلى بلدٍ يكون مسافة بعد العود وقبل الإقامة ويكون بالخروج عن بلد الإقامة قاصداً ذلك البلد بحيث يقال إنّه مسافر إلى ذلك البلد إلّا أن يكون له شغلاً في موضع فيقضي شغله ثمّ يرجع إلى بلد الإقامة ، فحينئذٍ يكون مقصّراً بمجرّد الخروج إلى محلّ الترخّص مع نيّة العود. ثمّ قال : وبالجملة الحكم تابع لقصده ، فإن صدق عليه عرفاً أنّه مسافر وتحقّقت شرائط القصر قصّر وإلّا أتمّ. ثمّ قال : وليس هذا بخارج عن القوانين ولا عن إجماعهم الّذي نقل على وجوب القصر حين العود لاحتمال كلامهم ذلك فإنّه مجمل غير مفصّل (٢) ، انتهى.
وفيه : أنّ فيه الخروج عن القوانين أنّه لم يتحقّق فيه شرائط القصر كما اعترف به هو بعد ذلك حيث قال : إنّهم قالوا لا بدّ للقصر بعد الإقامة من قصد مسافة اخرى ومن الخروج إلى محلّ الترخّص بقصد تلك المسافة بحيث يكون هذا الخروج جزءاً من ذلك السفر ، ومعلوم عدم تحقّق ذلك فيمن نحن فيه هذا كلامه (٣) ، فتأمّل
__________________
(١) تقدّم في ص ٤٧٨ ٤٨٤.
(٢ و ٣) مجمع الفائدة والبرهان : في السفر ج ٣ ص ٤٤١.