وإلّا أتمّ ندباً
______________________________________________________
وقد يقال : إنّ المتوقّف على البلوغ إنّما هو التكليف بالواجب والمحرّم ، وأمّا التكليف بالمندوب وما في معناه فلا مانع منه عقلاً ولا شرعاً (١). ويرشد إلى ذلك أنّ المشهور أنّ عبادة الصبي شرعية ولا وجه له يبني عليه إلّا ما ذكرناه. فيكون الأكثرون قائلين بأنّ التكليف بالمندوب غير متوقّف على البلوغ. فصحّ لنا أن نقول إنّها صحيحة وإنّها شرعية ، وأمّا إذا قلنا إنّها تمرينية فإنّها لا توصف بصحّة ولا فساد. والشهيد الثاني قال : إنّها تمرينية وإنّها توصف بالصحّة بناءً على ما يذهب إليه من أنّ خطاب الوضع غير متوقّف على التكليف (٢) وقد عرفت الحال فيه.
ومعنى كونها صحيحة أنه يثاب عليها وأنه ينوي الندب كما يأتي قريباً. وأمّا أنها تجزي عن الواجب فمحلّ شكّ وتأمّل والأصل العدم. فاتّجه ما في «جامع المقاصد والمدارك» وتمام الكلام يأتي إن شاء الله تعالى قريباً.
والمشهور المعروف أنّ عبادة المميّز شرعية صحيحة والتعريف المشهور تعريف للحكم المتعلّق بأفعال المكلّفين لا تعريف لمطلق الحكم ، فليتأمّل في ذلك ، أو يقال كما قال بعضهم (٣) بأنّ قولهم : «أو الوضع» معطوف على لفظة الجلالة فيصير التقدير خطاب الله أو خطاب الوضع ، فلا يبقى إشكال.
بيان : الحمل على من بلغ في الحجّ قبل الموقف قياس مع الفارق من النصّ والإجماع والحرج ولانفراد كلّ من الأفعال في الحجّ ولذا يجب انفراده بنيّة.
[هل عبادة الصبي صحيحة شرعية أو تمرينية؟]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وإلّا أتمّ ندباً) أي وإن لا يبق من الوقت مقدار ركعة أتمّ ندباً كما صرّح به في كثير من الكتب المتقدّمة (٤)
__________________
(١) مصابيح الظلام : ج ١ ص ١٦.
(٢) تمهيد القواعد المنضمّ إلى الذكرى : ص ٢ س ٥.
(٣) لم نعثر عليه.
(٤) كالبيان : في أوقات الصلاة ص ٥١ ، شرائع الإسلام : في الأحكام ج ١ ص ٦٣ ، جامع المقاصد : في أوقات الصلاة ج ٢ ص ٤٧.