ان الجهاد هو ذلك المقياس الذي لا يخطأ إذا كان في اطار الايمان لأنه تحد للشهوات والأهواء ومقاومة للطاغوت ، وبلورة للارادة. وكثير أولئك الذين يبررون تقاعسهم عن الايمان والجهاد وعما يتطلبه الجهاد من مساع وتضحيات. يبرونه ببعض الأعمال الظاهرية ذات اللافتة العريضة ، والخواء الواقعي مثل طبع نسخ القرآن وتفاسيره وكتب التراث ، واجراء الحدود الامنية على المستضعفين مثلما السلطات الطاغوتية التي كلما تخالف نصوص الدين في منح الحرية والرفاه والمساواة تزيد من ترديد الشعارات البراقة ، وتسمية الشوارع والمدارس باسم الحرية والرفاه والمساواة ، أو تزيد من رواتب علماء الدين وبناء المعاهد الدينية ، وكلما تخالف تعاليم الإسلام في التحرر والاستقلال والديمقراطية تزيد من تنفيذ تعاليم الدين في جلد الزاني واعتقال شارب الخمر ، ومكافحة ما يسمى في عرفهم بالارهاب والجريمة.
وكما يصنعه الطاغوت ، يفعله التجار الكبار الذين يتحالفون مع الحكام الظلمة ، ويمتصون دماء المحرومين ، ولكن يقدمون فتات موائدهم للفقراء ، ويبنون مستشفى أو مستوصف أو يعبّدون طريقا ، أو ما أشبه ، في الوقت الذي يتركون الشعب وحده في مواجهة السلطات الطاغوتية ، أو المستعمر الغاشم.
وهكذا نجد العباس بن عبد المطلب عم الرسول بعد ان أسر في حرب بدر ، واقبل عليه أناس من المهاجرين والأنصار وعيّروه بالكفر وقطيعة الرحم نجده يبرر عمله قائلا : ما لكم تذكرون مساوءنا ، وتكتمون محاسننا قالوا : وهل لكم من محاسن قال : نعم ، والله لنعمر المسجد الحرام ، ونحجب الكعبة ونفك العاني (أي الأسير ) فأنزل الله تعالى : «(ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا) ...».
وكلمة أخيرة : ان كل واحد منا يمكن ان يصبح طاغوتا أو متحالفا مع الطاغوت ، ويبتلى بخداع ذاتي لا يقدّره الله ولا الضمير ولا التاريخ ، فعلينا ان