الْقِصاصِ حَياةٌ) [البقرة : ١٧٩] ، من أنّ له حسنا ومزيّة ، وأنّ فيه بلاغة عجيبة ، وظنّوه وهما منّا وتخيّلا.
ولسنا نستطيع في كشف الشّبهة في هذا عنهم ، وتصوير الذي هو الحقّ عندهم ، ما استطعناه في نفس النظم ، لأنّا ملكنا في ذلك أن نضطرّهم إلى أن يعلموا صحّة ما نقول. وليس الأمر في هذا كذلك ، فليس الداء فيه بالهيّن ، ولا هو بحيث إذا رمت العلاج منه وجدت الإمكان فيه مع كلّ أحد مسعفا ، والسّعي منجحا ، لأنّ المزايا التي تحتاج أن تعلمهم مكانها وتصوّر لهم شأنها ، أمور خفيّة ، ومعان روحانيّة ، أنت لا تستطيع أن تنبّه السامع لها ، وتحدث له علما بها ، حتى يكون مهيّئا لإدراكها ، تكون فيه طبيعة قابلة لها ، ويكون له ذوق وقريحة يجد لهما في نفسه إحساسا بأن من شأن هذه الوجوه والفروق أن تعرض فيها المزيّة على الجملة ومن إذا تصفّح الكلام وتدبّر الشعر ، فرّق بين موقع شيء منها وشيء ، ومن إذا أنشدته قوله : [من السريع]
لي منك ما للنّاس كلّهم |
|
نظر وتسليم على الطّرق (١) |
وقول البحتريّ : [من الكامل]
وسأستقلّ لك الدّموع صبابة |
|
ولو أنّ دجلة لي عليك دموع (٢) |
وقوله : [من الطويل]
رأت فلتات الشّيب فابتسمت لها |
|
وقالت : نجوم لو طلعن بأسعد (٣) |
وقول أبي نواس : [من البسيط]
__________________
(١) البيت لشمروخ ، وهو : أبو عمارة محمد بن أحمد بن أبي مرة المكي ، وهي أبيات من معجم الشعراء (٤٣٨) ، والزهرة (١٠) ، ومصارع العشاق (١٧٤) ، غير منسوب وأبياته هي :
يا من بدائع حسن صورته |
|
تثنى إليه أعنة الحدق |
لي منك ما للناس كلهم |
|
نظر وتسليم على الطرق |
لكنهم سعدوا بأمنهم |
|
وشقيت حين أراك بالفرق |
سلموا من البلوى ولي كبد |
|
حرى ودمعة هائم ملق |
«شاكر».
(٢) البيت في الديوان (١ / ٢٨٢) يودع إبراهيم بن حسن بن سهل.
(٣) البيت في ديوانه ، وفلتات الشيب أول ما أسرع إليه من الشيب.