ركب تساقوا على الأكوار بينهم |
|
كأس الكرى ، فانتشى المسقيّ والسّاقي |
كأنّ أعناقهم ، والنّوم واضعها |
|
على المناكب ، لم تعمد بأعناق (١) |
وقوله : [من الكامل]
يا صاحبيّ عصيت مصطبحا |
|
وغدوت للّذّات مطّرحا |
فتزوّدوا منّي محادثة ، |
|
حذر العصا لم يبق لي مرحا (٢) |
وقول إسماعيل بن يسار : [من السريع]
حتّى إذا الصّبح بدا ضوؤه |
|
وغابت الجوزاء والمرزم |
خرجت والوطء خفيّ كما |
|
ينساب من مكمنه الأرقم (٣) |
ـ أنق لها ، وأخذته الأريحيّة عندها ، وعرف لطف موقع «الحذف» و «التنكير» في قوله :
نظر وتسليم على الطّرق
وما في قول البحتري : «لي عليك دموع» من شبه السّحر ، وأنّ ذلك من أجل تقديم «لي» على «عليك» ، ثم تنكير «الدّموع» وعرف كذلك شرف قوله :
وقالت : نجوم لو طلعن بأسعد
وعلوّ طبقته ، ودقّة صنعته.
والبلاء ، والدّاء العياء ، أن هذا الإحساس قليل في الناس ، حتى إنّه ليكون أن يقع للرجل الشيء من هذه الفروق والوجوه في شعر يقوله ، أو رسالة يكتبها ، الموقع
__________________
(١) البيتان في ديوانه (١٢٣) ، في آخر باب المدائح (الفصل الثالث) ، (ط) دار العرب للبستاني وهما في أربعة أبيات ينعت قوما قد سكروا من النعاس فمالت أعناقهم والبيتان بعدهما :
ساروا فلم يقطعوا عقدا لراحلة |
|
حتى أناخوا إليكم قبل إشراق |
من كل جائلة النسعين ضامرة |
|
مشتاقة حملت أنفاس مشتاق |
(٢) البيتان لأبي نواس في ديوانه (٢٤٦) ، في باب الخمريات وهما يتصدران مجموعة أبيات آخرها :
يثني العجاج على مفارقة |
|
بمعقب لم يعد أن وقحا |
ولقد حزنت فلم أمت حزنا |
|
ولقد فرحت فلم أطر فرحا |
(٣) البيتان في الأغاني (٤ / ٤٠٨ ، ٤٠٩ ، ٤١٠) ، لإسماعيل بن يسار وغنى الوليد بن يزيد في شعر لإسماعيل بن يسار فقال : من يقول هذا؟ قالوا : رجل من أهل الحجاز يقول له : إسماعيل بن يسار النسائي ، فكتب في إشخاصه إليه ، فلما دخل عليه استنشده القصيدة التي منها هذان البيتان فأنشده ، فطرب الوليد حتى نزل عن فرشه وسريره ، وأمر المغنين فغنوه الصوت وشرب عليه أقداحا ، وأمر لإسماعيل بكسوة وجائزة سنية ، وسرحه إلى المدينة.