إذ نقل العباس عم النّبي ، حديثا عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جاء في ، «إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله تحاتت عنه ذنوبه كما يتحات عن الشجرة اليابسة ورقها» (١).
ومن الواضح أن الشخص الذي يخشى الله ويتأثر من ذلك الى هذه الدرجة لا بدّ أن تتوفر فيه حالة التوبة والانابة ، ومثل هذا الشخص سيكون موردا لعفو الله ومغفرته حتما.
وروي عن (أسماء) إذ قالت عند ما سئلت عن أصحاب رسول الله فقالت : (كان أصحاب النّبي حقا إذا قرئ عليهم القرآن ـ كما نعتهم الله ـ تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم). وأضاف الراوي : سئلت أسماء : هل عندنا أحد يغمى عليه أو يفقد الوعي عند ما يسمع آيات القرآن المجيد ، فأجابت أسماء : أعوذ بالله تعالى من الشيطان ، (أي إنّه من عمل الشيطان) (٢).
هذا الحديث ـ في الحقيقة ـ جواب لأولئك المتصوفة الذين يعقدون الاجتماعات والحلقات ، ويقرءون فيها بعض الآيات والأذكار ، ثمّ يقومون ببعض الحركات بعنوان حالة الوجد والسرور ، ثمّ يشرعون بإطلاق بعض الصيحات وإظهار أنفسهم وكأنّهم قد أغشي عليهم ، ويحتمل أن البعض يغشى عليه فعلا. مثل هذه الأمور لم ينقلها أحد أبدا بشأن أصحاب الرّسول ، وما هي إلّا بدعة ابتدعها المتصوفة.
وبالطبع يمكن أن يندهش الإنسان أحيانا وقد يغشى عليه من شدّة خوفه من البارئ عزوجل ، وهذا الأمر يختلف كثير عن ممارسة الصوفيين الذين يعقدون الحلقات للذكر التي ذكرناها آنفا.
* * *
__________________
(١) (مجمع البيان) ذيل آيات البحث ، كما نقل هذه الرواية أبو الفتوح الرازي والقراطبي مع شيء من الاختلاف.
(٢) أورد الآلوسي هذا الحديث في روح المعاني ، المجلد ٢٣ ، الصفحة ٢٣٥ ، كما أورده بعض المفسّرين في ذيل الآية.