نقول مثلا : إنّ الله هو «الأول» وهو أيضا «الآخر» هو «الظاهر» وهو «الباطن» هو مع كلّ شيء وليس مع شيء ، وبعيد عن كلّ شيء إلّا أنّه ليس غربيا عنه.
قد يبدو في بعض هذه الألفاظ تناقض أو تضاد ، لأنّ معاني الألفاظ نقيسها على الأشياء والموجودات المحدودة ، فيمكن أن يكون هو الأوّل ولا يكون الآخر ، والظاهر ولا يكون باطن ، ولكن التفكير الدقيق في ذات الله وصفاته يوصلنا إلى إمكانية انطباق معاني هذه الألفاظ عليه ، فهو الأوّل في نفس الوقت الذي هو الآخر ، وهو الباطن في نفس الوقت الذي يكون فيه هو الظاهر أيضا.
وعلينا أن نعترف هنا بأنّ المهم في معرفة أوصافه الجمالية والجلالية هو أن ننتبه إلى حقيقة : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ).
يشير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام إلى هذه الحقيقة بوضوح فيقول : «ما وحده من كيفه ، ولا حقيقته أصاب من مثله ، ولا إيّاه عنى من شبهه ، ولا صمده من أشار إليه وتوهمه» (١).
وفي مكان آخر يقول عليهالسلام : «كل مسمّى بالوحدة غير قليل» (٢).
خلاصة القول : يجب ولوج البحث في صفات الخالق على ضوء قوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) وعلينا أن ننظر إلى ذاته المقدسة من خلال قوله تعالى: (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) وعبارة «سبحان الله» في العبادات وغيرها تشير إلى هذه الحقيقة.
٢ ـ ملاحظة أدبية
إنّ الكاف في جملة (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) للتشبيه ، وتعني المثل أيضا. لذا فإنّ هذا التكرار أصبح سببا لأن يعتبر الكثير من المفسّرين أنّها زائدة ، وأنّها جاءت
__________________
(١) الخطبة رقم (١٨٦).
(٢) نهج البلاغة ، الخطبة رقم ٦٥.